المخرج السوري جود سعيد: لهذا ألقيت الضوء على التحرش
“رحلة يوسف.. المنسيون” لم يكن العمل الأول الذي يشارك به جمهوره في مصر، من خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث سبق وشارك في دوراتٍ سابقة من المهرجان بفيلمي “بانتظار الخريف” و”مطر حمص”، حيث يرى المخرج السوري جود سعيد أن “هذا المهرجان له دور كبير في الأفلام التي صنعها”.
وأكد في حواره لموقع “العربية.نت” أن المهرجان بمثابة البوابة التي تتيح لأفلامه السفر لأبعد الحدود، وقد تمكن فيلمه الجديد من أن يحظى بإشادة كبيرة من الجمهور المصري في عرضه العالمي الأول وإن كان تمنى الحصول على جائزة من المهرجان، حيث أكد أن الجوائز تعطي الفيلم قيمة مضافة، ولكن عدم الحصول عليها لا يضر في نفس الوقت.
حدثنا عن فكرة الفيلم وعم تدور أحداثه؟
تدور أحداث الفيلم حول يوسف وعائلته، ففي الوقت الذي خرج فيه الكثير من السوريين إلى بلاد اللجوء خوفاً من الحرب، خرج هو وعائلته خوفاً على الحب دون أن يعلموا ما تخبّئ لهم الأيام من بلاد جديدة وهوية تائهة، وقد كانت فكرة المشروع نتيجة ثمار جلسة جمعتني بالفنان أيمن زيدان، وكنا نرغب أن نحكي للعالم عن مأساة النزوح عن الوطن، وماذا عن شكل الحياة فيما بعد هذه الخطوة.
وكيف كانت التحضيرات للفيلم؟
استغرقت التحضيرات وقتا طويلا، حيث بدأت عام 2019، نظراً لطبيعة أحداث المشروع، وعملية اختيار الممثلين، فبعض الشخصيات الرئيسية في الفيلم خاصة بمراهقين، وأسندتها إلى أشخاص لم يكن لديهم سابق خبرة في التمثيل، وخلال التحضير له اخترت حياة أخرى بعيدة عن حياة اللاجئين رغم تعايشي معهم، وذلك حتى لا أبتعد عن المسار أو الخط الرئيسي للفكرة التي أعددتها وصناع الفيلم.
وما هي الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير؟
هناك العديد من الصعوبات، من أبرزها زيادة الميزانية المُخصصة للمشروع، بسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية في سوريا مؤخراً، بجانب توقف التصوير أكثر من مرة، وذلك إبان تفشي فيروس كورونا هناك، فكل تلك الظروف كانت تتطلب إيماناً حقيقياً من فريق العمل، لنتمكن من إخراجه إلى النور، خاصة أن التصوير امتد لأكثر من عام، كما يتضمن بعض اللقطات الحقيقية، حيث جرى الاستعانة بها ضمن الجزء الوثائقي داخل المشروع.
وما السبب في تقديمك للحرب السورية في أغلب أفلامك الأخيرة؟
لقد عاصرت هذه الحرب وظللت مسكونا بداخلها، فمن يعيش الحرب لن يخرج منها حتى تشهد يومها الأخير، وبالتالي أنا كفنان وصاحب مشروع، سأتناول الحرب وآثارها في أعمالي، فأنا في العادة خلال أحداث الفيلم أفضل الدمج بين مشاهد الفيلم ومشاهد أخرى وثائقية لأشخاص حقيقيين من المخيمات أعددتها، والسبب هو إعطاء بعد حقيقي للفيلم، وإقناع المشاهد بأن الأحداث التي شاهدها في الفيلم تنبع من الحقيقة التي يراها الجمهور أمامه في الفيلم الوثائقي.
الكثيرون أكدوا أن نهاية الفيلم صعبة؟
بالرغم من قساوة النهاية، بموت “هاجر” و”زياد” فإنني كنت سعيداً لهذه النهاية رغم قسوتها، والسبب في ذلك المشاكل التي حدثت بينهما، وكان بسببهما “حب روميو وجوليت”، لذلك فضلت أن تكون النهاية مؤلمة، فهي نهاية تترك بصمة للناس حتى تتذكرها.
يحتوي الفيلم على مشهد عن الاغتصاب والتحرش الجنسي.. حدثنا عنه
هناك موقف واضح وصريح لمفهوم التحرش الجنسي، وعمومًا نحن نعرف أن ذلك الأمر أصبح يحدث بشكل كبير في المجتمعات العربية، ونرى خلال الفيلم طريقة تعامل الأهالي مع ما يتعرض له أبناؤهم، من خلال جملة الأب وهي الفضيحة، محاولين التستر على ذلك الأمر، وقد حرصت خلال الفيلم على تكوين مجتمع في خيم اللاجئين السوريين، ويتضمن ذلك المجتمع المشاكل التي يتعرضون لها، هذا إلى جانب ما يتعرضون له من مواقف جيدة، بالإضافة إلى عالم الجريمة واللاأخلاقيين.
وهل يحمل الفيلم رسالة معينة؟ وهل تهتم بفكرة أن تعرض أفلامك في المهرجانات؟
لا أهتم بتضمين الأفلام لرسائل، ولكني أهتم بتضمين حياة الأشخاص التي أفترض مصائرهم وأُحركهم وفقًا لتلك المصائر؛ لأدافع عن فكرة أو انتصار لفكرة ما، وكل مُشاهد يقوم بتفسير تلك المشاهد وفقًا لثقافته، ويكمن في ذلك جمال السينما، كما أنني لا أهتم بفكرة أفلام مهرجانات أو أفلام تجارية، بينما طريقة تفكيري هي صُنع فيلم جيد وبناءً على تلك النتيجة نرى كيف يمكننا أن نجعل ذلك الفيلم يعيش في الوجدان، وكيف ستسير دورة حياة الفيلم.
وكيف جاءت مشاركة الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي؟
حدث التواصل قبل 5 أشهر، وسعيد كثيرا بتلك المشاركة، كما استطاع الفيلم أن يحقق تفاعلا كبيرا فى أولى ليالي عرضه بالمهرجان، وشعرت باستحسان وردود أفعال قوية على فكرة الفيلم. الفيلم أخد قرابة 6 أشهر لطرح نسخته الكاملة، وكان أصعب ما واجهني أنا وفريق العمل هو التصوير خلال فترة كورونا، والحقيقة أن الرقابة لم تتدخل لحذف أو منع بعض المشاهد الخاصة من حياة اللاجئين، لذا ظهر الفيلم بشكل كامل وواقعي.
وماذا عن جديدك؟
أقوم حاليا بالتحضير لفيلم جديد مازال في مرحلة الكتابة، وتدور أحداثه حول مجموعة من الفتيات يعشن في أحد الأحياء الدمشقية، والفيلم لا يتحدث عن الحرب بشكلٍ مباشر، بينما سيتناول آثارها على الشعب السوري اقتصادياً واجتماعياً، وأستعرض من خلاله آمال وآلام الفتاة السورية، وكيف تعيش في مجتمعها بعد كل هذ الدمار.
وماذا عن أحلامك في السينما؟
الاستمرار في صناعة أفلام، فلا تعنيني الدراما التلفزيونية، فأنا أشعر بأنني ابن صالة السينما، رغم أن الدراما تحقق نجاحا جماهيريا واسما وانتشارا كبيرا، ولكني أحب عتمة صالات السينما،
وما الذي يعنيه لك فيلم “رحلة يوسف”؟
الفيلم يمثل امتداداً للسينما التي أؤمن بها وأحاول من خلالها تسليط الضوء على المسكوت عنه، فهو يتناول موضوعات إنسانية بحتة، فهذا الفيلم يعتبر التجربة الأكثر نضجا لي بحكم خبرتي المتراكمة، فقضية اللجوء موضوع حساس للغاية وحاولت من خلالها التسليط على الجانب الإنساني خاصة ما يسمونه بالحرب السورية ونزوح العديد من المواطنين السوريين إلى العديد من البلدان.