قندورة الفرقاني.. “زي ملكي” ارتدته حرم الرؤساء وتمسكت به عرائس الجزائر
“الجمال في مدينتي لا يكتمل إلا بهذا الزي الملكي”، هكذا وصفت نرجس كرميش، “جبة الفرقاني”، اللباس التقليدي النسوي المشهور في مدينة الجسور المعلقة “قسنطينة” شرقي الجزائر.
جبة الفرقاني أو “القندورة القسمطينية ” كما يُحبّذ أن يُسميها البعض، أبهى الحلل التقليدية الأصيلة، فهي تُمثل هوية وروح مدينة “قسنطينة”.
تلبسه العروس يوم زفافها، ونظراً لجماله ارتدته حرم الرئيسين الجزائريين الراحلين الشاذلي بن جديد وهواري بومدين، وكذلك فعلت زوجة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
كما أنّ هذا اللباس كان حاضراً في المسلسل التلفزيوني “ذاكرة الجسد” الذي تم انتاجه عام 2010، اذ يُجسد رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي وأخرجه نجدة إسماعيل أنزور، وارتدت فيه الفنانة آمال بوشوشة “جبة الفرقاني”.
مُكلف لكنه حاضر
تقول الإعلامية نرجس وهي المتحدرة من مدينة قسنطينة في تدوينة لها على صفحتها الرسمية فايسبوك إنّ هذا الزي “مُكلف لكن نادراً ما تتخطاه العائلات عند تجهيز العروس” لأن “الشورة” وهي جهاز العروس الذي تأخذه معها، “تفقد وزنها إن غابت قندورة القطيفة، لذلك نجد عائلات تقتني قطيفة “الجلوة والخيوط الذهبية حتى قبل أن تخطب الفتاة”.
في حين تُشير المراجع التاريخية أنّ قطيفة “الجلوة” المصنوعة من خيط الحرير يعود تاريخها إلى 1450 ميلادي، وسميت بها الاسم نسبة إلى منطقة في إيطاليا، فعندما انتشر هناك المحتالون هرب الصناع بصناعتهم إلى ليون الفرنسية التي كانت مركز الصناعات النسيجية في فرنسا.
وجبة الفرقاني بالنسبة للعروس ولأهلها أناقة وأنفة، فلا يُمكن الاستغناء عنه في جهازها فيكون أول ما تبدأ تحضيره بالنظر إلى المدة التي تستغرقها عملية تطريزه من قبل الصانعين.
وتتخذ عملية تحضير القندورة مرحلتين أساسيتين، الأولى تكون عند “الفراض” وهو فنان يضعُ اشكال النمط الذي تختاره المرأة على الجلد ثم يركب على القماش، وهي مرحلة دقيقة جدا وحساسة لأنها تُحدّد شكّل القندورة كونها خارطة طريق للحراجة.
أما الحراجة، وهي من تقوم بالتطريز تستغّرق عدة أشهر حتى تتم عملها الذي يتطلب الدقة والصبر فنجدها منكبة على “الغارغاف” الذي يثبت القماش بين طرفيه فالعمل لساعات قد لا يكفي حتى لإنهاء رسم القناوية، أما المرش فيستغرق أسابيع.
وبعد الحرج يتم الرش بوضع الكنتيل والعقاش وهي عملية عادة ما تتكفل بها مساعدة للحراجة أو حرفية مبتدئة، لتكون الخياطة آخر مرحلة وهي عادة تتخذ شكل “القندورة عرب”، كما تسرد الإعلامية كرميش في تدوينتها الاحتفائية بالاستعداد لتصنيف الزي التقليدي.
هذا اللباس التقليدي كان يطلق عليه القندورة، لكن اسمه في بداية القرن العشرين تحول إلى جبة فرقاني، في إشارة إلى عائلة الفرقاني المعروفة في مدينة قسنطينة التي امتهنت الحرج كحرفة، اذ أدخلت تحديثات على هذا الزي المترف.
تصنيف اليونسكو
هذا وتمهّد الجزائر لإدارج هذا الزي التقليدي النسوي بجميع أنواعه المحلية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وذلك أيام بعد تصنيف منظمة اليونسكو رسميا، طابع الراي كمورث ثقافي يعود للجزائر.
وقالت وزارة الثقافة الجزائرية، إنّ القندورة القسنطينية هوية، جمال وتاريخ.
ومؤخراً صرح مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ السيد سليمان حشي، أنه سيتم اقتراح إدراج “الزي التقليدي النسوي للشرق الجزائري” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية قبل 31 مارس القادم. واستحسن نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي هذه الخطوة، التي تهدف لحماية التراث الجزائري.