الألغام في العراق.. موت عبر خطوة واحدة وخطر على الأجيال القادمة

الألغام في العراق.. موت عبر خطوة واحدة وخطر على الأجيال القادمة

السابعة- تقرير: رفل عقيل

منذ ثمانينيات القرن الماضي والعراق يعاني من الصراعات والحروب التي خلفت الكثير من حقول الألغام المنتشرة على نطاق كبير، فضلا عن ذخائر عنقودية غير منفجرة وذلك بدءا من الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينيات وحتى الحرب على داعش، مرورا بقمع الرئيس السابق صدام حسين للأكراد وحرب الخليج عام 1991 والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

الألغام والمخلفات الحربية تغطي مساحات كبيرة في العراق التي باتت مدفونة في مزارع وعلى الطرق، وعلى إثرها صنف العراق من قبل الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية “باعتباره أكثر دول العالم تلوثا بالذخائر والألغام”، وتبقى المخلفات الحربية المتفجرة، والعبوات الناسفة واحدة من أهم الأسباب وراء قتل الأطفال وعوقهم في العراق.

وأظهرت بيانات دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن “عشرات العراقيين يفقدون حياتهم بسبب انفجار الألغام التي تهدد أيضا حياة 8.5 مليون من إجمالي تعداد العراق البالغ عددهم قرابة 41 مليون نسمة”.

ويرى الخبراء أن عملية تطهير حقل واحد من الألغام قد يستغرق شهورا ما يعني أن العراق قد ينتظر سنوات حتى تتم إزالة العديد من حقول الألغام.

ضحايا الألغام

في شهر شباط فبراير فقد 6 أطفال جميعهم من الأولاد حياتهم، بينما بترت أطراف 10 أطفال من بينهم 9 أولاد وبنت واحدة نتيجة للمخلفات الحربية المتفجرة في إقليم كردستان. 

وفي تموز يوليو انفجرت عبوة ناسفة على مركبة تقلّ فريقاً لإزالة الألغام شمال مدينة الموصل، مما أسفر عن إصابة سبعة موظفين بجروح طفيفة.

وفي تشرين الأول أكتوبر لقي عراقيان من فريقٍ يعمل لصالح الشريك المنفّذ لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام حتفهما وأُصيب ثالث في حادثٍ بموقع لإزالة الذخائر المتفجرة في شط العرب بالقرب من مدينة البصرة جنوبي العراق.

مما يعني أن 8 اشخاص فقدوا حياتهم بسبب الألغام، بينما 18 شخصا بترت اطرافهم خلال هذا العام. اما الإحصائية الكلية منذ مسح 2003 فقد بلغت 34 ألف ضحية مسجلة حتى الان، وفق تصريح دائرة شؤون الألغام في وزارة البيئة.

ماذا يحتاج العراق لإزالة الألغام؟

في وقت سابق، أكدت دائرة شؤون الألغام إحدى دوائر وزارة البيئة، أن 3 جهات عراقية تتعاون معها في عمليات التطهير، وفيما أشارت إلى حاجتها لـ 500 مليار دينار لتطهير ثلث المساحات الملوثة وعلى مدار 3 سنوات، وأكدت أن العراق يحتل المرتبة الثانية على العالم بهذا الملف، وفقاً لتقييم الأمم المتحدة.

وقال مدير عام الدائرة ظافر محمود خلف في تصريح صحفي، إن “غالبية تمويل عمليات إزالة الألغام يتم عبر منظمات دولية لكن العمل يُنجز بكوادر عراقية مدربة”، متابعا: “لدينا أيضا 3 جهات تتعاون في هذا الملف هي الشركات العراقية التي تعمل على إزالة الألغام في المواقع النفطية إضافة إلى جهد الكادر الوطني في وزارة الداخلية ومديرية الدفاع المدني”، مؤكداً أن “العمل مستمر”.

ولفت إلى أن “مساحة العمل حالياً أكثر من 250 كم مربعا بينما المساحة الإجمالية للتلوث المسجل 2700 كم مربع وتم تقديم مقترحات ننتظر الموافقة عليها للحصول على تمويل حكومي بقيمة 500 مليار تقريباً للمساهمة في تطهير 677 كم مربعا تمثل ثلث المساحة الكلية”.

وأوضح أن “مطلبنا حول مبلغ 500 مليار دينار وضع لتمويل فترة تطهير تمتد من 3-4 سنوات وإذا توفرت مبالغ أكثر سيتم العمل بمساحة أكبر”، مؤكداً أن “العمل مستمر في كل محافظة توجد فيها ألغام وفي المقدمة المحافظات المحررة التي تعتمد على المنح الدولية، حيث نعمل في صلاح الدين والأنبار وكركوك وديالى”، مكملا: “أما المناطق الجنوبية التي يوجد فيها تلوث بأكثر من 1500 كم مربع أغلبها في مواقع نفطية، ويوجد تعاقد مع الشركات النفطية التي لديها تعاقدات مع شركات مختصة بإزالة الألغام، إضافة إلى الجهد الوطني ووجود منحة دولية خاصة لقضاء شط العرب”.

وأشار إلى أنه “إضافة إلى هذه المهام مستمرون برصد مساحات جديدة، ففي العام الماضي تم اكتشاف أكثر من 20 مليون متر مربع عنقوديا في البصرة بسبب الحروب المتكررة في هذه المنطقة وخاصة عند الخط الحدود مع إيران الذي تبلغ مساحته أكثر من 1200 كم مربع والتي زرعت على شكل ألغام وقنابل عنقودية وفخاخ حرب وغيرها في الثمانينيات من القرن الماضي”.

مساحات ملوثة بالألغام

وكانت وزارة البيئة دائرة شؤون الألغام أحصت ضحايا المخلفات الحربية، فيما أعلنت الكشف عن مساحات جديدة ملوثة بالألغام.

وقالت الوزارة في تصريح صحفي، إن” نسبة التلوث بالألغام بلغت 6 مليارات متر مربع بعد إجراءات المسح بعد عام 2003 نتيجة الحروب العراقية – الإيرانية والخليج وداعش الذي تسبب بتلوث أكثر من 6 آلاف كم مربع”.

وأوضحت أن “هناك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والصناعية والسياحية ملوثة ونتيجة عدم التزام المواطنين بالتحذيرات، ما يؤدى إلى حدوث ضحايا”، لافتاً إلى أن “هناك 34 ألف ضحية مسجلة حتى الآن بسبب الألغام، والعمل جار على تسجيل الضحايا غير المسجلين، ونتوقع أن يرتفع الرقم إلى أضعاف المعلن”.

نهاية 2022 عام الحسم لملف الالغام والمقذوفات الحربية في المناطق المحررة 

وزير البيئة نزار ئاميدي أكد اهمية حسم ملف ازالة الالغام والمقذوفات الحربية فيما تبقى منها في المناطق المحررة بوقت قياسي لغرض عودة العوائل النازحة، فضلا عن اكمال برنامج الازالة في المحافظات الجنوبية والفرات الاوسط والشريط الحدودي للحد من الاصابات وتأمين سلامة المواطنين.

 ذكر ئاميدي في بيان تلقته السابعة، أن “ذلك جاء خلال جولة العمل الميداني التي يقوم بها الوزير والتي شملت زيارة دائرة شؤون الالغام برفقة الوكيلين الفني والاداري وعدد من المدراء العامين، موجها “بضرورة حسم المعوقات الادارية والقانونية التي تواجه عمل ودور الدائرة المطلوب”.

وشدد على دور دائرة شؤون الالغام “بضرورة ان تأخذ دورها الانساني في التوعية ودمج المصابين بالمجتمع ومتابعة احتياجاتهم ورفع تقارير شهرية عن مجمل الاداء والخطط لغرض التقييم فضلا عن الاستمرار بمتابعة أعمال المسح والازالة كافة في مجمل المحافظات العراقية والتي تنفذ من قبل الجهات الوطنية والدولية المعنية بشؤون الألغام”.

جهود دولية

تظافرت الجهود الدولية من أجل التعاون مع العراق لإزالة الألغام والمخلفات الحربية إذ قالت الأمم المتحدة بإن “عمليات إزالة الألغام سوف تستمر في نينوى مع تطبيق تدابير احترازية إضافية للتخفيف من حدة المخاطر”.

 وكذلك اكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن “الحروب التي مرت على بلاد الرافدين خلال العقود الثلاثة الأخيرة أسفرت عن سكن 8.5 مليون عراقي وسط الألغام والمخلفات الحربية المميتة”. 

وفي هذا الجانب، قالت اليونسيف في بيان، إنها “تستشعر الخطر نتيجة للعدد الكبير من الأطفال المتأثرين بالمخلفات الحربية المتفجرة، وتدعو كافة اصحاب المصلحة إلى تسريع الجهود للتخلص من الألغام والمواد غير المنفلقة، وتوسيع نطاق التثقيف بشأن المخاطر، وتعزيز دعم الضحايا”. كل هذه الأشياء مجتمعة، من شأنها أن تصون حق الأطفال في بيئة آمنة تحميهم.

الجدير بالذكر أن اليونيسف تواصل العمل مع الشركاء، بما فيهم مديرية إزالة الألغام في جمهورية العراق ووكالة إزالة الألغام في اقليم كوردستان، من أجل رفع الوعي وزيادة سلامة الأطفال، وأسرهم ومجتمعاتهم في المناطق الأعلى تلوثاً.

على الرغم من تظافر الجهود الدولية والحكومية، إلا أن ملف إزالة الألغام يعد من أكبر التحديات التي تقع على عاتق حكومة محمد شياع السوداني، خاصة وان الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لم تأخذ خطوة فعلية في العمل بجد على ملف إزالة الألغام، فهل سيتخذ السوداني خطوة فعلية في العمل بجد على ملف إزالة الألغام؟ 

ويذكر أن السوداني لم يشير في برنامجه الحكومي على ملف إزالة الألغام ولكنه تعهد بعودة النازحين الى مناطقهم في مدة أقصاها ستة اشهر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *