حصاد العام في سوق الذهب.. هل حافظ المعدن النفيس على موقعه كملاذ آمن؟

حصاد العام في سوق الذهب.. هل حافظ المعدن النفيس على موقعه كملاذ آمن؟

لم يتغير سعر الذهب في السوق العالمية لعام 2022 كثيرا، فإذا كان سعره في نهاية العام الماضي قد زاد قليلا عن 1800 دولار للأونصة، فإنه عشية العام 2023 عند نفس المستوى تقريبا.

لكن الذهب بالنسبة للمستثمرين أدى دوره الرئيسي كأصل دفاعي في ظروف الأسواق المتهاوية، ويتوقع المحللون تكرار نفس السيناريو في العام الجديد، إلا أنهم لا يستبعدون أكثر التوقعات المذهلة، حيث يقول كبير المحللين في بنك PSB الروسي، أليكسي غولوفينوف: “كل التنبؤات لها محل من الإعراب، خاصة تلك التي تخرج عن المشهد العام، وهو ما يدفع إلى الخروج من الأطر والتفكير خارجها”.

وأشار غولوفينوف إلى أنه وفقا لتوقعات Saxo Bank قد يصل سعر الذهب في عام 2023 إلى 3000 دولار للأونصة، إلا أن الخبير الروسي لا يميل إلى تصديق مثل هذه التوقعات معلقا: “يجب أن تطير بجعة سوداء حقيقية حتى يتحقق هذا السيناريو”.

لكن الأحداث الماضية تثبت أن كل شيء ممكن.

نظرية الاحتمالات

بالنسبة لأغلبية المحللين، فهم لا يتوقعون انخفاضا كبيرا أو زيادة كبيرة في سعر الذهب العام المقبل، حيث أظهرت السنة الماضية خصائص الذهب تماما كأصل وقائي لرأس المال، وسيستمر الذهب في لعب هذا الدور في المستقبل وفقا لما تصرح به محللة أسواق السلع في إدارة الاستثمارات ببنك “أوتكريتيي” الروسي، أوكسانا لوكيشيفا.

وترى لوكيشيفا أن سعر الذهب في عام 2023 سيكون في حدود 1700-1900 دولار للأونصة، وقالت إن الارتفاع إلى 3000 دولار للأونصة يبدو غير مرجح، إلا أنها لا ترى أن احتمالات ذلك هي صفر مطلق.

ويتابع مدير المحفظة في “ألفا كابيتال”، دميتري سكريابين: “كما أظهر العام السابق، يمكن أن تتحقق أكثر السيناريوهات غير المحتملة، لذلك هناك احتمال معين لمثل هذا النمو”، ويتابع سكريابين أنه في حالة وقوع أحداث سلبية غير متوقعة على سبيل المثال، كصدمة، أو انهيار للاقتصاد العالمي وأسواق الأسهم خارج عن السيطرة، ونزاعات عسكرية واسعة النطاق، وما إلى ذلك، فإن ذلك الاحتمال وارد.

ويؤكد على وجهة النظر هذه، فيتالي مانغوس، كبير مديري المخاطر في “ألفا كابيتال”، الذي يقول: “هناك مثل هذا الاحتمال، فعند الخروج من الأزمة المالية العالمية لعام 2008، تضاعفت أسعار الذهب ثلاث أضعاف تقريبا، وفي السنوات القادمة من المحتمل جدا أن يتكرر نفس السيناريو”.

ومع ذلك، والحديث لمانغوس، فأن الهدف من الذهب، في المقام الأول، هو الحفاظ على القوة الشرائية ليس على المدى القصير أو المتوسط، ولكن في أفق زمني يمتد لسنوات وعقود.

وفي حديثه عن الانخفاض في تكلفة الذهب بالروبل، والذي لوحظ في عام 2022، أشار مانغوس إلى أنه يرتبط بالقوة غير المتوقعة للروبل، حيث قال: “بعبارة أخرى، لم يكن ذلك نقصا في الذهب، ولكنه انخفاض مؤقت في قيمة الأصول بالدولار، وهو وضع يمكن أن يتغير بسرعة كبيرة”.

الإعفاء الضريبي

لقد ارتفع الطلب العالمي على الذهب بنسبة 18%، إلى 3387 طنا، كما ارتفع الطلب على العملات المعدنية والسبائك بنسبة 3%، إلى 882 طنا، وفقا لمجلس الذهب العالمي. في الوقت نفسه، ارتفع الطلب على الذهب الفعلي في روسيا خلال نفس الفترة بأكثر من 5 أضعاف، ليصل إلى 20.5 طن.

ويضيف مانغوس: “لقد طال انتظار قرار إلغاء ضريبة القيمة المضافة، ولكن لم يتم اتخاذه بعد، حيث تمت الموافقة عليه فيما يتعلق بالتخلص القسري من الدولار للاقتصاد المحلي في عام 2022، فيما حلت سبائك الذهب إلى حد كبير محل الممارسة التقليدية المتمثلة في تجميع العملات الأجنبية نقدا”.

كما لعب الروبل القوي دورا إيجابيا، ما جعل أسعار الذهب المقومة بالروبل جذابة للغاية، كما يشير غولوفينوف من PSB.

من جانبها، تعتقد لوكيشيفا أنه “من المرجح أن تستمر ديناميكيات الطلب على الاستثمار في الذهب عام 2023، حيث سيتم تسهيل ذلك من خلال استمرار التخلص من الدولار في الاقتصاد الروسي، وتطوير البنية التحتية لسوق الذهب المحلية، لا سيما فيما يتعلق بشراء المعادن، والتضخم المرتفع والمخاطر الجيوسياسية على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا”.

ومع ذلك، يتوقع غولوفينوف تراجع الطلب العام المقبل، حيث أدى ضعف الروبل إلى رفع الأسعار في روسيا، ويقول المحلل: “نتوقع أيضا أن تبدأ الأوراق الروسية في التعافي، وبالتالي، فعلى الأرجح، سيتحول الطلب من الذهب المادي لصالح أدوات أكثر خطورة”.

خارج المنافسة

إلا أنه من النتائج المهمة للسنة المنتهية، وفقا للمحللين، هو تشويه سمعة العملات المشفرة كمنافس للذهب. حيث تقول لوكيشيفا من بنك “أوتكريتيي” إن العملات المشفرة في عام 2022 “فقدت مصداقيتها من وجهة نظر الأصول الاستثمارية، حيث أدى انهيار بورصة FTX الكبيرة للعملات المشفرة إلى اقتراح الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي تشكيل إطار تنظيمي لهذه السوق، والاعتراف بأن سوق الأصول هذه تعد مصدرا جديدا للمخاطر على الاستقرار المالي”. في الوقت نفسه أشارت الخبيرة إلى التأكيد على استقرار الذهب كأداة استثمارية خلال الخمسة آلاف عام الماضية.

من جانبه يقول غولوفينوف من PSB إنه من الضروري هنا تحديد الفارق في عمر البيتكوين والذهب، حيث يحذر المحلل من أنه “بحلول منتصف العام المقبل، سنرى بداية انتعاش السوق الأمريكية، وبالتالي، من المحتمل أن تبدأ العملات المشفرة أيضا في الانتعاش. لكن الذهب في هذه الحالة سيقع تحت الضغط”.

ووفقا لمانغوس فإن الارتفاع المتوقع للعملة المشفرة سيكون تأكيدا آخر على أنها لا تستطيع لعب دور “الذهب الرقمي” كوسيلة للحفاظ على القوة الشرائية لرأس المال بشكل موثوق لفترة طويلة.

المصدر: نوفوستي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *