مؤرخ فرنسي: ميتران رفض العفو عن الجزائريين المحكومين بالإعدام

مؤرخ فرنسي: ميتران رفض العفو عن الجزائريين المحكومين بالإعدام

كشف مؤرخ فرنسي عن الوجه الآخر للرئيس الفرنسي اليساري الأسبق فرانسوا ميتران، أحد أبرز الشخصيات السياسية خلال حرب الاستقلال في الجزائر 1954 – 1962، واصفا إياه بأنه جلاد الجزائريين.

ونفى المؤرخ توماس ديلتومب في كتابه “إفريقيا أولا”، أن يكون ميتران قد حارب الاستعمار كما يروج في بعض المنابر، وأكد أنه كان مدافعا شرسا عن استمرار الاستعمار الفرنسي لإفريقيا، مستشهدا بالدور الذي لعبه هذا السياسي الفرنسي اليساري في قمع الجزائريين الذين حاربوا الاستعمار الفرنسي، برفضه التراجع عن أحكام الإعدام التي صدرت بحق ناشطين جزائريين حينها.

وشغل فرانسوا ميتران منصب وزير ما وراء البحار في فرنسا في الفترة الممتدة من 1950 إلى 1951، ثم وزيرا للداخلية ما بين 1954 إلى 1955، ثم وزيرا للعدل حافظ الأختام في الفترة الممتدة من 1956 إلى 1957. وكتب توماس ديلتومب في مؤلفه: “كان السياسي الشاب شغوفا بالقارة الإفريقية. وسعيا إلى تحديث العلاقات الاستعمارية وبالتالي ترسيخ الصرح الامبراطوري، وضع الوزير الطموح قضايا جنوب الصحراء الكبرى وتونس والجزائر في قلب استراتيجياته السياسية”.

وأورد المؤلف أن ميتران زعم بأنه قاد حملة من أجل “إنهاء الاستعمار”، وأنه دافع عن “استقلال” المستعمرات، استنادا إلى كتاب سيرته الذاتية والمعجبون به لفترة طويلة، غير أن الحقيقة وفق المؤلف كان فرانسوا ميتران، على العكس من ذلك، أحد رواد الاستعمار الفرنسي الجديد.

وبخصوص ما يتعلق بالجزائر، يقول المؤلف، بالاعتماد على أرشيف غير منشور، إن السيرة الذاتية للرئيس الفرنسي الراحل تظهر مشاركته النشطة في “الحرب القذرة” في الجزائر، كوزير للداخلية والعدل في حكومة غي مولي، بما في ذلك رفض العفو عن المحكوم عليهم بالموت من الجزائريين، إلى ما وصفه “الإرهاب العسكري البوليسي في الجزائر عام 1957″، يتناقض مع مناهضته للاستعمار.

كما تحدث المؤلف عن كره ميتران الشديد للوطنيين الجزائريين، حيث كان يصفهم بالانفصاليين عن فرنسا، لأنهم رفعوا السلاح في وجه الاحتلال، في الوقت الذي كان يدافع عن عتاة “الجزائر الفرنسية” من الأقدام السوداء وامتداداتهم القوية داخل الجيش الفرنسي، على غرار المجرم الجنرال راؤول سالان.

وأكد المؤلف أن ميتران في سنة 1962 كان لا يزال مترددا للغاية بشأن إنهاء الاستعمار الذي اكتمل رسميا، وفضلا عن ذلك فقد دافع عن راؤول سالان أثناء محاكمته في انقلاب أبريل 1961 وزعيم مجرمي منظمة الجيش السري الإرهابية OAS ، بالإضافة إلى تعبيره عن التضامن مع أنصار “الجزائر الفرنسية” عشية استقلال الجزائر.

ويبقى ملف الذاكرة في قلب العلاقات الجزائرية الفرنسية، وفي السنوات الأخيرة ضاعف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المبادرات في هذا الملف الحساس للغاية، معترفا بمسؤولية الجيش الفرنسي عن عدد من الجرائم ضد الجزائريين.

لكن الاعتذارات التي تنتظرها الجزائر عن استعمار فرنسا لم تأت أبدا، ما أحبط مبادرات ماكرون وزاد سوء التفاهم بين الجانبين. 

المصدر: صحيفة “الشروق”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *