فوزية حسن: أدواري الكوميدية قربتني من الجمهور وحلمي أن أواصل عطائي لآخر لحظة

فوزية حسن: أدواري الكوميدية قربتني من الجمهور وحلمي أن أواصل عطائي لآخر لحظة

بغداد-

حوار: أحمد سميسم 

تصوير: علي هاشم 

لم يكن يدر في خلدها بأنها ستصبح فنانة مشهورة في يوم ما، بل كان أقصى حلمها أن تكمل دراستها وتتوظف في مجال التعليم، تلك البنت الجنوبية التي تربت وسط الأعراف والتقاليد الصارمة في مجتمع جنوبي في الناصرية، كان لدخولها معهد الفنون الجميلة ببغداد، البوابة الرئيسة التي قادتها نحو عالم الفن فتفتحت موهبتها مبكراً ،واستطاعت أن تلفت أنظار المخرجين بفترة قياسية وهي مازالت طالبة في المعهد، أجادت تجسيد الأدوار التراجيدية بحرفية كبيرة كما أنها استطاعت أيضا أن تسجل حضوراً مميزاً في أدوارها الكوميدية، في رصيدها الفني مجموعة من الأعمال الدرامية التي شكلت محطات بارزة في مسيرتها الفنية التي بدأتها منذ السبعينيات وحتى الان، نذكر منها، مسلسل عالم ست وهيبة، مسلسل رجال الظل، مسلسل الأماني الضالة، مسلسل سامكو، مسلسل دنيا الورد، مسلسل جرف الملح، وأخرى من الأعمال التي مازالت راسخة في ذاكرة الجمهور، تؤمن أن الفنان يجب أن لا يضع نفسه في قالب واحد من الأدوار.  

الفنانة القديرة “فوزية حسن” حلت ضيفة عزيزة على السابعة فكان معها هذا الحوار.. 

* حدثينا عن رحلتك الفنية منذ سبعينيات القرن الماضي من الناصرية الى بغداد كيف دخلت الوسط الفني وسط رفض الأهل فكرة عملك في الفن؟ 

– لم أكن أخطط لأصبح فنانة مطلقاً بل كان حلمي ان أكمل دراستي في معهد الفنون الجميلة لأكون معلمة، كان دخولي معهد الفنون الجميلة انعطافه مهمة في حياتي فبعد ان أكملت المرحلة الأولى جاء أحد المخرجين الذي كان يبحث عن وجه جديد للعمل في سهرة تلفزيونية بعنوان جميل بثينة، فاختارني بدور بثينة انتابني حينها مزيج من الفرح والخوف كوني سأمثل وأظهر على الشاشة ويراني أصدقائي وجيراني أما الخوف فكان يتجسد بأنني بنت الناصرية المحافظة التي قضت كل وقتها ما بين المدرسة والبيت كيف ستكون في الشاشة؟!، لذلك قلت للمخرج بأنني أسأل أسرتي حول موافقتهم من عدمها للمشاركة وفعلاً استقلت أول قطار ذاهب الى الناصرية وكان رفض أسرتي ينتظرني حال وصولي لم تكتمل فرحتي وصدمت حينها، إلا ان أخي ساندني كثيرا وأحس بموهبتي الخفية وحاول ان يقنع والدي ووالدتي ونجح بذلك وفعلاً دخلت الإذاعة والتلفزيون وعملت في السهرة التلفزيونية وكنت أول مرة أقف أمام الكاميرا. 

* بعد دخولك للإذاعة والتلفزيون مباشرة عملت في مجال تقديم البرامج الإذاعية الريفية ما السبب؟ 

– هذا صحيح، فبعد أن قدمت السهرة التلفزيونية جميل بثينة، وقع الاختيار  بأن أقدم عدداً من البرامج الريفية كوني بنت الجنوب وأجيد اللهجة الجنوبية، وقدمت أيضا بعض   البرامج البدوية، وبعد ذلك أسند لي مسلسل جرف الملح بترشيح المخرج إبراهيم عبد الجليل ومن ثم مسلسل الدواسر ببطولة مطلقة بدور حسنة، وجاء بعدها مسلسل أعماق الرغبة أول عمل ملون أشارك به عام 1975. 

* قضَيتي مدة عشر سنوات في تقديم برنامج إذاعي يخص الشعر الشعبي، لربما من الصعب ان يستمر برنامج لهذه الفترة الطويلة حدثيني عن سر استمرارية البرنامج؟ 

– لا يوجد سر في استمرارية البرنامج سوى حلاوة وأسلوب التقديم، البرنامج استمر بثه 10 سنوات من دون انقطاع وكنت أقدمه مع عدد من الشعراء في كل حلقة شاعر معين أي شاعر ومقدمة، رافقني في التقديم الشاعر ناظم السماوي والشاعر كريم العراقي والشاعر حسن الخزاعي وآخرون، وكنت حين ألقى الشعر أسمع أصداء إيجابية من الشعراء الذين حفزوني للاستمرار في تقديم البرنامج كوني  لست شاعرة بل أجيد طريقة الإلقاء بطبقة صوت معينة مناسبة. 

* كونك عشت أجواء الشعر ألم تحاولي كتابة الشعر؟ 

– كلا، لم تستهوينِ الكتابة إطلاقاً ليست منطقتي، فضلاً عن انني لا أحفظ الشعر بل أحب أن أسمعه وأجيد الإلقاء. 

* برأيك ما سبب بقاء الأعمال الدرامية العراقية السابقة في الذاكرة بينما الأعمال الجديدة ربما تنسى سريعاً؟

– لكل زمن نكهته الخاصة، سابقا كان جهداً كبيراً يبذل في إنتاج الأعمال الدرامية وكانت قراءة ما يسمى بالطاولة هي السائدة قبل البدء في عملية التصوير التي تتيح التعرف على أداء الشخصية والشخصيات الأخرى في العمل، الان زمن السرعة له سطوته فالنص يرسل من خلال الواتس اب للقراءة!! هناك أشياء كثيرة تغيرت، لكن لا نستطيع ان ننسف الأعمال الجديدة برمتها هناك أعمال جميلة مؤثرة.

* كيف تقيّمين مسلسل عالم ست وهيبة بجزئه الثاني وأنت إحدى نجماته هل كان بذات التأثير فنيا وجماهيريا مقارنة بالجزء الأول؟ 

– المسلسل بذلت فيه جهود كبيرة لاسيما من المخرج سامر حكمت، أرى ان المسلسل نجح بعناصره الفنية من خلال اختيار أماكن التصوير والإضاءة وجودة الصورة والموسيقى، أما مقارنته مع الجزء الأول فهناك فارق بالتأكيد كون الجزء الثاني فقد كثيراً من الوجوه التي كانت موجودة في الجزء الأول، فضلاً عن تغيير الزمنين وعولمته فالجزء الأول كان في عام 1996 هناك سنوات كثيرة مرت وتغييرات حصلت، المسلسل أثر في الجمهور بدليل عند توقفه طالب الجمهور بإعادة عرضه، لست بصدد الدفاع عن المسلسل كوني إحدى نجماته بل هذا ما لمسته. 

* عرفناك في أدوار تراجيدية مهمة ومؤثرة، ما الذي جعلك تدخلين منطقة الكوميديا مثلاً في حامض حلو ألا تعديها مغامرة؟ 

– قبل لا أجيبك على سؤالك أطرح سؤالاً هل الجمهور تقبلني في أدواري الكوميدية؟ انا اعتقد ان الجمهور استمتع بما قدمته من أعمال كوميدية، الممثل يجب ان لا يضع نفسه في قالب واحد من الأدوار لذلك أردت ان أخرج من منطقة التراجيديا قليلاً للتنويع في ادواري، وكان أول دور كوميدي أخوضه في مسلسل دولة الرئيسة بترشيح من أسامة وأوس الشرقي، وبعدها خضت حامض حلو و أبجد هوس، لذلك أدواري الكوميدية حققت حضورا مهما في الشارع وعرفتني وقربتني بالجمهور أكثر لربما هناك جيل لم يعرف من هي فوزية حسن لكن من خلال ما قدمته من كوميديا عرفني الجمهور جميعا بمختلف أعمارهم. 

*هل هناك شخصية ما تتوقين الى تجسيدها؟

– أي شخصية تؤثر فيّ أحب تجسيدها للمشاهد، أما عن شخصية معينة لا توجد في بالي.

* لربما تستهويك أدوار السير الذاتية؟ 

– لا أحب تجسيد أدوار السير الذاتية مع تقديري لكل من جسد هذه الأدوار، لكن لا تستهويني مطلقا. 

* تحملتِ المسؤولية مبكرا لذا هل كانت طفولتك صعبة، هل عانيت من شظف العيش؟

– نعم تحملت المسؤولية مبكراً في أسرتي وطفولتي صعبة جدا، أنا منحت كل ما أستطيع به لوالدي ووالدتي ومازالت أمنح لأسرتي بما أجود به بكل رحابة صدر وسعادة، مررت بظروف صعبة في حياتي ونجوت منها بأعجوبة بسبب رضا والدَيَّ عني. 

* جيلكم صارع الحياة ولم يصل الى النجاح بسهولة، حدثيني عن الفارق بين جيلكم والجيل الفني الجديد؟

– من لم يتعب ويشتغل على نفسه لن يستطيع ان يحدث فارقاً في مجاله، جيلنا تعب كثيرا وأنا حفرت بالصخر من اجل إثبات ذاتي لأكون الفنانة فوزية حسن، لذلك نصيحتي للفنانين الجدد اشتغلوا على أنفسكم كثيرا من حيث القراءة والمتابعة والالتزام، وخرجت عندنا وجوه حققت حضوراً جيدا، أما الجيل الفني الجديد فأعتقد لم يمر   بما ممرنا به من عقبات. 

* مسيرتك الفنية التي بدأت منذ السبعينيات وحتى الان لو سألتك ما الشخصية التي جسدتيها كانت تشبهك في الواقع؟

– شخصية حسنة في مسلسل الدواسر كانت تشبهني كثيرا في الواقع، وأيضا الشخصية التي جسدتها في مسلسل الأماني الضالة. 

 * ما الشيء الذي لو عاد بك الزمن لن تفعليه مطلقاً؟

– ليس شيئاً معيناً، بل هناك موضوع ظل واقفاً بحسرتي هو أن والدَيّ لم أستطع ان أدللهما بحياتهما بعد ان أنعم الله عليَّ بالشهرة والمكانة الاجتماعية كونهما فارقا الحياة مبكراً.

* أنت والفنانة القديرة شذى سالم كنتما تتنافسان في المعهد من حيث الدرجات، فهل تنافستما في الشاشة؟

– نعم كانت تجمعنا رحلة واحدة في معهد الفنون الجميلة وكنا من الطالبات البارزات من حيث التفوق ونيل أعلى الدرجات وفعلاً كنا نتنافس في المعهد، لكن لم نتنافس إطلاقا في الشاشة بسبب ان الفنانة الصديقة شذى سالم لها شخصياتها ولونها يختلف عن لوني فالشخصيات التي تسند لها لم تسند لي والعكس صحيح.

 * برأيك هل الفن يورث؟

– ممكن ان يورث الفن وحدثت لدينا كثيرا في الوسط الفني بعض من أبناء الفنانين نجحوا والبعض الاخر لم ينجح رغم تدخل الوساطات في الموضوع. 

* والدك كان يمتلك مقهى شعبياً، ماذا تحمل ذاكرتك عن ذلك المقهى القديم؟ وهل كنت ترتادينه؟ 

– نعم أتذكره وكنت أرتاده، كان يجمع كل الناس الطيبة والقلوب النقية وكنت أذهب يوميا للمقهى من اجل إيصال الطعام الى والدي من البيت، لكن بعد ذلك غلق المقهى ثم افتتح دكاناً صغيراً، وعند مجيئنا الى بغداد أنا تكفلت بإعالة أسرتي مادياً. 

* بعد هذه المسيرة الطويلة في مجال الفن هل هناك حلم تسعين الى تحقيقه؟ 

– الفن هو الأوكسجين الذي أتنفسه لذلك عندما أتوقف عن العمل تراني أذبل، لذا حلمي الوحيد ان أواصل عطائي الفني لآخر لحظة في عمري، احترم وأحب عملي جدا.

* هل الفنان ممكن أن يؤدي دوراً غير مقتنع به؟

– أحياناً الحاجة المادية قد تجبر الفنان على أداء أدوار غير مقتنع بها.

* وهل أديتي أدواراً غير مقتنعة بها بسبب الحاجة؟

– لكي لا أكون مثالية نعم أديت أدواراً غير مقتنعة بها تماماً. 

* أخيرا ماذا تخبئين لجمهورك من أعمال جديدة؟

– حتى الان لم تتم مفاتحتي بأي عمل درامي جديد، عدا حامض حلو مستمرة فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *