الطلاق في العراق.. آفة اجتماعية تسجل أرقاما قياسية يتحمل مسؤوليتها الفرد والمجتمع
السابعة- ليندا المرقبي
لم يعد من المستغرب ان تسمع بحالات الطلاق والتفريق بين أزواج في العراق، سواء كانا حديثي العهد بالزواج، أوممن لهما من عشرة العمر زمن طويل لم يشفع لسوء حال علاقتهما، فانفصلا وبينهما أطفال سجلوا كضحايا لهذه الأفة الاجتماعية التي تدق ناقوس خطر يهدد الاستقرار المجتمعي، ويعرض مستقبل آلاف الأسر العراقية للضياع والتشتت.
إحصائيات مفزعة.. 7 آلاف طلاق في شهر واحد
تأتي الاحصائيات الدورية من المحاكم العراقية والدوائر المختصة بأرقام مهولة عن عدد حالات الطلاق في العراق، وكان آخرها إحصائية مجلس القضاء لحالات الزواج والطلاق في شهر تشرين الأول والتي اطلعت عليها السابعة حيث وصلت حالات الطلاق في الشهر الماضي قرابة الــ 7 آلاف حالة، منها 5208 حالة تصديق لطلاق خارجي، و1779 حالة تفريق بحكم قضائي. بينما بلغ عدد الزيجات الجديدة أكثر من 33 ألف حالة زواج
وتتوضح قتامة المشهد العراقي بالمقارنة مع عدد حالات الطلاق المُسجلة في الأعوام الماضية حيث ذكرت الإحصائية أن العام 2020 سجل 1498 حالة، بينما سجل عام 2021 أكثر من 73 ألف حالة في العام كله بعموم البلاد ما عدا إقليم كردستان، وفقاً لمجلس القضاء الأعلى، وتصدرت العاصمة بغداد المحافظات الأخرى بـ 27 ألفا و163 حالة طلاق، تلتها محافظة البصرة في أقصى الجنوب بـ 7317 حالة طلاق.
والجدير بالذكر أن الأرقام تبقى متغيرة، وتتجه للصعود، فهناك حالات لا يتم تسجيلها تحدث في القرى والأرياف خاصة، ويجري فيها الزواج والطلاق خارج المحكمة.
تعددت الأسباب .. والتفريق واحد
يعزو الكثيرون ظاهرة الطلاق المتزايدة إلى الحروب والأوضاع السيئة التي تشهدها البلاد منذ 36 عاماً، بالتضافر مع أسباب كثيرة، في مقدمتها الزواج المبكر، والوضع الاقتصادي السيئ للأزواج، وكثرة الطلبات والسكن مع الأهل وعدم الاستقلالية بسبب صعوبة توفير مسكن ويقود بالتالي لمشاكل أسرية حادة، كما يأتي العنف الزوجي كجزء رئيسي من محفزات تصاعد ظاهرة الطلاق.
وتنضم عوامل التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة إلى قائمة المتهمين بحالات الطلاق والتي غيرت المفاهيم الأساسية للعلاقة الزوجية في نظر كثيرين ممن استطلعت السابعة آراءهم، فضلا عن سهولة ارتكاب الخيانات الزوجية ومن كلا الطرفين لدى البعض بسبب مواقع التواصل وسوء استخدامها وتوظيفها من قبلهم.
للقضاء حصته في تفاقم الأزمة
يتفق حقوقيون كثر ان دور القضاء له حصة الأسد في الحد من هذه الآفة الاجتماعية، ابتداء من المطالبات بتعديل الموادد القانونية التي تكرس الخلاف وأسباب الشقاق، ومن أبرزها المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل والتي “أجازت زواج القاصر بإذن من القاضي او اذن من الولي الشرعي” ، خصوصا وان معظم حالات الطلاق تم تسجيلها بين القصر ممن هم تحت السن القانوني، الغير مؤهلين للزواج، فطلاقهم مصير محتوم. مايستدعي تشريع قانون جديد يمنع زواج القاصرين خارج المحكمة وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته.
وفي ذات السياق برزت أصوات قانونية دعت إلى الغاء المادة /41/ من قانون العقوبات العراقي، التي تبيح ما تسميه تأديب الزوجة، وتشريع قوانين مثل حماية الطفل ومناهضة العنف الأسري، ما سيسهم بالحد من تصاعد حالات العنف والطلاق.
ويبرز دور القضاء الأكبر بالحد من هذه الظاهرة عبر تأهيل القضاة أنفسهم للتعامل مع حالات طلب التفريق بتروٍ وصبر، فالقاضي لكثرة الدعاوى المعروضة ربما يستعجل في الحسم في حالات تصديق الطلاق الخارجي، اضافة إلى ضرورة تاكيده على تفعيل دور الباحث الاجتماعي وجعله مؤثرا في موضوع إصلاح الزوجين قبل إيقاع الطلاق.
حفلات طلاق تضاهي الأعراس
في خضم كل ما سلف من تفاقم للأزمة كآفة اجتماعية، وخلافًا للعُرف.. انتشرت في الآونة الأخيرة حفلات الطلاق في العراق، وهي ظاهرة قد تبدو جديدة في المجتمع العربي والعراقي على وجه الخصوص، إلا أنها أصبحت ركنًا يضاهي حفلات الخطوبة والزواج تقريبا، إذ يجتمع أهل المطلقة وصديقاتها برفقة الموسيقى مع توزيع الحلوى والأطعمة على الحضور بمناسبة الطلاق.
رغم عدم تقبل المجتمع العراقي لهذه الظاهرة الدخيلة التي تتعارض مع قيم المجتمع العشائرية والقبلية، إلا أنها تسجل حضورا في الصالات والنوادي أو بالبيوت.
علماء الاجتماع والنفس اعتبروها خطوة جريئة للتعافي من حالات الزواج الفاشلة، ومناسبة لاسترجاع المطلقة لكرامتها المهدورة وحفلات الطلاق برأيهم هو أسلوب تدافع به المطلقة عن حقها في المجتمع وتسهم في رفع مستوى تقبل وجود المطلقات.
المجتمع المريض على عاتقه العلاج
يبرز دور المجتمع وفق مختصين ومرشدسن اجتماعيين تقصت السابعة آراءهم بأهمية البدء بتغييرالنظرة الدونية للمجتمع تجاه المطلقات، فمعظمهن ورغم مأساتهن كمطلقات يتحمّلن مصاريف تربية الأطفال مهما بلغ عددهم ومصاريفهم.
ويأتي دور الوعي المجتمعي عبر تشييد معاهد متخصصة ينخرط بها الخطيبان قبل الزواج لتعلم سلوكيات المرحلة المقبلة وكيفية التعايش، فضلاً عن إدماج الباحثين الاجتماعيين في دورات تخصصية تطويرية حول موضوع الطلاق والمعالجات قبل وقوعه.
ولابد ختاما من ضروروة تحسين الحالة الاجتماعية للمتزوجين الجدد، خاصة ممن يعانون العوز والفقر، لأنّ الكثير من أسباب الطلاق سببها الفقر الذي لا يتناسب مع متطلبات الحياة الكثيرة والمختلفة.