تعرف على آثار وتفاصيل تمليك الأراضي الزراعية لشاغليها
السابعة – متابعة
وصف خبراء بالشأن الاقتصادي قرار مجلس الوزراء بشأن تمليك الأراضي الزراعية وتحويل جنسها إلى عقارات سكنية بالإيجابي، لأنه سيخفف من وطأة التضخم الحاصل بأسعار العقارات.
ويقول الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد” وتابعته السابعة، إن “القرار جيد، وكان على الحكومات السابقة أن تتخذه منذ سنوات، إذ أن أسعار العقارات سوف تنخفض بعد هذا القرار، فقد لاحظنا أن سعر المتر المربع الواحد في كثير من مناطق بغداد تجاوز 1000 دولار، وهذا صعب جدا، بحيث نشعر أنه لا أحد يستطيع أن يشتري مترا واحدا في بغداد، وقد يؤثر هذا القرار سلبا على هذه الأسعار وتبدأ بالانخفاض”.
ويضيف المحسن: “في ما يتعلق بالأراضي المشمولة بالقرار فإنها مناطق غير مخدومة كما نعلم، والآن أصبحت أمانة بغداد ملزمة بتوفير الخدمات الأساسية لهذه المناطق”، مشيرا إلى أن “البعض قد يظن أن هذا القرار بسيط وليس ذا أهمية، لكنه سيؤثر بشكل إيجابي على كثير من المواطنين”.
ويلفت إلى أن “هذه المناطق ستكون جاذبة للمشترين، لأنها بعيدة عن الصخب والاكتظاظ، وعند تنفيذ الخدمات فيها سترتفع أسعارها، بينما تنخفض أسعار المناطق الباهظة”، مبينا أن “تحسين أوضاع هذه المناطق قد يحتاج بعض الوقت، ولكنها ستنتعش في النهاية، طالما أن الإجراء الرئيس موجود، وهو تحويل جنس الأرض من زراعي إلى سكني”.
وكان مجلس الوزراء، قرر يوم أمس الأول الإثنين، أن تقوم أمانة بغداد والمؤسسات البلدية في المحافظات، بتعديل التصميم الأساس للمدن وتغيير الاستعمالات المختلفة للأراضي المشيّدة عليها وحدات سكنية بشكل عشوائي والمملوكة للدولة، والمشيدة قبل صدور هذا القرار، وتفعيل أمانة بغداد قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 581 لسنة 1981 لأغراض تملك الأرض التي تم تغيير استعمالها لأغراض هذا القرار.
كما قرر أنه في حال وجود دور مشيدة لا يمكن معالجتها بحسب التصاميم المعدلة، يتم إزالتها وتعويض صاحب الدار بقطعة أرض سكنية مناسبة بما لا يقل عن الحد الأدنى من الإفراز، وتمليك أمانة بغداد، والمؤسسات البلدية في المحافظات، الأراضي التي تم إفرازها لأغراض هذا القرار إلى شاغليها بالقيمة التي تقدرها لجان التقدير، استثناء من المزايدة العلنية.
من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار مجلس الوزراء بشأن تمليك الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية يأتي لمعالجة التجاوزات التي انتشرت في بغداد وباقي المحافظات، لأن هذه الأراضي تم تحويلها الى مناطق سكنية بشكل كامل وهذا الأمر أصبح واقعاً”.
ويبين المشهداني أن “الأراضي الزراعية التي تنوي الحكومة العراقية تمليكها للمواطنين وتحويلها الى سكنية هي بالأساس داخلة ضمن التصميم الأساسي للمدينة، ولا يمكن معالجتها إلا من خلال هذه الطريقة”.
ويكمل أن “نسبة الأراضي الزراعية المحوّلة إلى سكنية اكبر بكثير من نسبة الأراضي المتجاوز عليها التابعة للدولة العشوائيات”، وعن هذه الأخيرة يشير إلى أن “موضوعها مختلف تماماً، إذ لم يصدر أي قرار حكومي بتمليك أي ارض متجاوز عليها حتى لو بنيت فيها أحياء سكنية، فهذه الأراضي تابعة للوزارات وبعضها ضمن المشاريع الاستثمارية لبناء المدارس او المستشفيات، ولهذا فأن الدولة لم تملّكها لشاغليها إطلاقاً”.
أسعار العقارات
ويتوقع الخبير في الشأن الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني، أن “قرار مجلس الوزراء بشأن تمليك الأراضي الزراعية سوف يرفع أسعارها عن السابق، وهذا الارتفاع سيبدأ تدريجيا خلال الأيام المقبلة، وبعد تنفيذ القرار ستساوي أسعار هذه الأراضي أسعار العقارات السكنية الأخرى”.
ووضع القرار شروطا لطلب التمليك، منها أن يكون المستفيد الفعلي للأرض وفقا للجرودات التي تقدمها الوحدة الإدارية المعنية، ولا يجوز تمليك أكثر من قطعة لطالب التمليك، وأن يقدم طلبا إلى مديرية البلدية المعنية خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ صدور هذا القرار.
وأشار مجلس الوزراء إلى أن القرار ينفذ على الأراضي المملوكة للدولة المقامة عليها دور سكنية بالمشيدات الثابتة، ولا يشمل هذا القرار الأراضي المخصصة لمشروعات النفع العام.
بدوره، يفيد سلام داود، صاحب مكتب عقارات، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تمليك العشوائيات سيؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات في بقية المناطق، وخاصة ذات الأسعار المرتفعة، لأن الإقبال سيزداد على هذه العشوائيات”.
ويشير داود إلى أن “الإقبال على العشوائيات سيرفع أسعارها بشكل ملحوظ إذا تم فعلا تمليكها، ولكن حتى الآن ما يذاع هو مجرد قرارات ولا يوجد تطبيق فعلي”.
وتعد أسعار العقارات في العراق مقارنة بالوضع الخدمي المتردي، أعلى من بعض دول المنطقة، التي تشهد تطورا كبيرا في الخدمات واستقرارا أمنيا ملحوظا، وباتت تتراوح بين ألف وأربعة آلاف دولار.
غموض وتوضيح
إلى ذلك، يكشف مصدر في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تعليمات جديدة ستصدر قريبا من مجلس الوزراء بشأن تنفيذ القرار، لأنه لغاية الآن لم ترد آليات لتطبيقه وكيفية تنفيذ تفاصيله”.
ويؤكد المصدر أن “القرار سيشمل كافة الأراضي الزراعية، وهذا سيصدر بقرار جديد أو تعليمات ملحقة للقرار الأساسي الذي شمل المملوكة للدولة فقط، لكن بما أن معظم الأراضي الزراعية مملوكة لأشخاص، فإنها ستشمل لاحقا بالقرار الأول”.
يذكر أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، سحب مطلع الشهر الحالي مشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية من مجلس النواب، من دون بيان الأسباب، ولاسيما أن القانون أثار الجدل عند طرحه من قبل الحكومة السابقة بسبب تضمينه فقرة بيع الأراضي للمواطنين المتجاوزين عليها.
وبشأن طبيعة القيمة التقديرية التي ستحدد كسعر بيع لشاغل الأرض، يوضح المسؤول في المجلس البلدي لمنطقة الأمين محمد الدراجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لم تصل أية تعليمات لغاية الآن بشأن الأسعار، كما لم تردنا أية تعليمات تخص تلك القرارات بشكل رسمي حتى الآن، لكي نطلع المواطنين عليها”.
ويكشف الدراجي خلال حديثه عن عدد الوحدات السكنية المتجاوزة بشكل مجمل من دون أن يفصلها، موضحا أن “قضاء الزوراء يضم نحو 300 ألف وحدة سكنية عشوائية، بينما تضم مناطق شرق القناة نحو مليون وحدة سكنية عشوائية”.
يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تعرف محليا باسم “الحواسم”، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية.
وغالبا ما يطرح هذا الموضوع للنقاش في أغلب الحكومات المتعاقبة من دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليس المحال التجارية، فهي بقيت من دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يعيق إزالتها بالقوة مع عدم عمل الدولة على توفير بدائل سريعة.
قانونيا
من جانبه، يوضح الخبير القانون أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المقصود بالقرار هي العقارات الحكومية والأراضي العائدة للدولة”.
ويضيف العبادي أن “القرار ينص أيضا على تحويل الأراضي الزراعية التابعة للحكومة إلى سكنية وتغيير استخدامها من زراعي إلى سكني”.
يشار إلى أن العراق يعاني من أزمة سكن كبيرة، ووفقا للبيانات الحكومية فأن البلد يحتاج إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية لحل الأزمة، فضلا عن 150 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي لمواكبة التزايد السكاني.