تقرير: العراق امام امتحان صعب بمشاركته في القمة العربية – الصينية
السابعة – متابعة
تمر الحكومة العراقية بامتحان صعب وتحدي خطير، في إدارة العلاقات الخارجية والاتفاقات الدولية، الاقتصادية والسياسية، يتمثل في التمحور او الاستقلال او التوازن، ولكل من هذه الخيرات ضريبة، فالاتفاق مع الصين بشأن مشاريع استراتيجية كبيرة يجعل العراق امام الغضب الأمريكي، ومقاطعة بكين خسارة اقتصادية كبيرة، فضلا عن ان مشاركة في القمة العربية – الصينية المقرر انعقادها في السعودية في كانون الأول المقبل تدعم الرياض وتجعله طرفا من اطراف التحدي .
وبحسب تقرير لصحيفة العالم الجديد تابعته السابعة انه “طفت من جديد العلاقات الخارجية للعراق الرغبة المجهولة بالتوجه نحو الصين عقب الإعلان عن المشاركة في القمة العربية- الصينية المقرر إقامتها في السعودية خلال شهر كانون الأول ديسمبر المقبل، ففيما رأى مراقبون أن مجرد المشاركة “البروتوكولية” لن تكون سببا في استفزاز الولايات المتحدة، أكد آخرون أن علاقات بغداد وواشنطن قد تتأثر في حال حصول اتفاقيات كبرى مع بكين، من شأنها تغيير بوصلة البلاد نحو الشرق.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ “العالم الجديد”، إن “قبول العراق للمشاركة في القمة العربية- الصينية المقرر إقامتها في السعودية يأتي في إطار تدعيم مواقف الأخيرة، كما أن حكومة محمد شياع السوداني لا تريد خسارة الرصيد الذي تحقق بمستوى العلاقات بين بغداد والرياض، لذا سيكون العراق مشاركا وداعما لهذه القمة”.
وكان رئيس الجمهورية تسلم دعوة رسمية من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، لحضور القمة العربية الصينية المقرر انعقادها في كانون الأول ديسمبر المقبل.
ويلفت الشمري إلى أن “العراق يسعى ويعمل على استثمار كل المساحات الاقتصادية، حتى تكون رافعة لأزماته الداخلية، لذا فإنه لا يجد أي عوائق أمام مشاركته في القمة العربية- الصينية، في ظل سعيه لتوازن في العلاقات القطبية وتعدد علاقاته الاقتصادية، وعدم الاعتماد على دولة دون أخرى”.
ويذهب إلى أن “مشاركة العراق في القمة العربية- الصينية لن تستفز الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير، بل سيكون هناك تفهم أمريكي لموقف العراق، لكن يبقى الأمر مرهونا بما سيتم الاتفاق عليه خلال القمة مع الصين، فلو ظهرت بوادر لإعادة تموضع ودخول في محور لمنافسة الولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا، فإن ذلك سيولد استفهامات أمريكية بطبيعة الحال”.
وكانت “العالم الجديد” أول وسيلة إعلام عراقية كشفت عن مشاركة العراق في القمة، عبر تقرير مفصل نشر في 30 تشرين الأول أكتوبر الماضي، وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان السعودية للزيارة المرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، وعقدها ثلاث قمم “صينية- سعودية”، و”صينية- خليجية”، و”صينية- عربية”، دون إعلان أسماء الدول المشاركة.
جدير بالذكر، أن السفير الصيني لدى العراق تسوي وي، كشف خلال مؤتمر صحفي يوم أمس الإثنين، وحضرته “العالم الجديد”، عن لقائه برئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزراء في الحكومة العراقية الجديدة ومحافظ البصرة، مؤكدا أن بغداد تمتلك النية للتعاون مع الجانب الصيني.
على الصعيد ذاته، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ “العالم الجديد”، أن “مشاركة العراق في القمة العربية- الصينية لن تستفز واشنطن، فهذه المشاركة أمر طبيعي، خصوصا وأن دول الخليج ستكون مشاركة بالقمة، رغم تمتعها بعلاقة قوية واستراتيجية مع الولايات المتحدة”.
ويضيف الدعمي أن “للصين مئات المشاريع التي تنفذها منذ وقت طويل في أهم المجالات مثل الطاقة والنفط داخل العراق، من دون اعتراض من قبل الولايات المتحدة”، لافتا إلى أن “حكومة السوداني لا تواجه حاليا أية مشاكل تذكر مع واشنطن، وهي ليست في وارد إثارة هذا النوع من المشاكل”.
ويلفت إلى أن “الولايات المتحدة فاعل قوي في العراق، لكنها لا تمتلك استثمارات فيه، بسبب عدم الاستقرار النسبي للوضع الأمني في البلاد، فالشركات الأمريكية عادة لا تجازف بالعمل في بيئة غير آمنة”.
ويتابع أن “مشاركة العراق في القمة العربية- الصينية، لن تكون محط خطورة أو تهديد للولايات المتحدة الأمريكية، ومتى ما تحول العراق إلى منطقة آمنة للاستثمار، سنجد هناك عملا للاستثمار الصيني والأمريكي بشكل حقيقي داخل العراق، لكن وضع العراق الأمني الحالي غير مشجع لأي استثمار دولي حقيقي”.
وتعمل العديد من الشركات الصينية داخل العراق، في مجالات عدة، بينها الطاقة والخدمات وغيرها، في ظل تبادل تجاري بين البلدين يتخطى الـ30 مليار دولار.
وجرى لغط كبير حول الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعها رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في العام 2019، حيث اختلفت الآراء حول جدواها للعراق، وتسببت بانقسام سياسي داخلي.
يذكر أن القمة العربية- الصينية تأتي في وقت أعلنت فيه أمريكا أن الصين هي التحدي الأساسي لها، كما تتزامن مع انتقادات أمريكية للرياض بعد قرار منظمة أوبك+ خفض إنتاج النفط، والذي اعتبرته السلطات الأمريكية مساعدة لروسيا من أجل زيادة عائدات النفط، بينما رفضت السعودية التعليقات حول القرار، مشددة على أن القرار تقني.
جدير بالذكر، أن وزير الخارجية السعودي، تحدث مؤخرا عن نتائج التطور الملموس في العلاقة مع الصين خلال السنوات الأخيرة، قائلا زاد التقارب في وجهات النظر بالعديد من القضايا الإقليمية والدولية، كما أن التجارة المتبادلة بين بلدينا تسير بنسق تصاعدي، حيث احتلت المملكة المركز الأول كوجهة للاستثمارات الصينية الخارجية في النصف الأول من عام 2022، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول للمملكة.
من جانب آخر، يفيد الباحث في الشأن الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “اتفاقيات الصين تحتاج إلى مفاوض حقيقي لديه القدرة والمعرفة بالاقتصاد الدولي والمصالح الدولية، وتقريب وجهات النظر لخلق حالة من التوازن مع الاقتصاديات المنافسة”.
ويؤكد حنتوش أن “الولايات المتحدة لن تقبل بقدوم أي منافس اقتصادي لها في منطقة نفوذها الشرق الأوسط، وللحصول على الموافقة الأمريكية على هكذا مشاريع واتفاقيات مع الصين، فإن العراق سيحتاج إلى توافق واشنطن حول هذا الملف بشكل جدي وحقيقي ووفق المصلحة العراقية العليا وليس وفق مصالح الدول الأخرى”.
ويذهب إلى أن “العراق لن يتمكن من التوجه نحو الصين والاتفاق على مشاريع اقتصادية واستثمارية من دون الموافقة الأمريكية، وأن أية خطوة دون هذه الموافقة، فستكون لها تداعيات على علاقات بغداد وواشنطن، ولذا فإن مشاركة العراق في القمة العربية- الصينية المرتقبة في السعودية، ستكون برتوكولية ولن تشهد أي عقد أو اتفاق حول مشاريع اقتصادية أو استثمارية”.
يذكر أن السعودية استضافت في تموز يوليو الماضي، قمة عربية أمريكية، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وبمشاركة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، إلى جانب مصر والأردن بالإضافة إلى الدول الخليجية.
وأكد البيان الختامي للقمة في حينها، على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، والالتزام بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، ودعم الجهود الدبلوماسية الهادفة لتهدئة التوترات الإقليمية، وتعميق التعاون الإقليمي الدفاعي والأمني والاستخباري، وضمان حرية وأمن ممرات الملاحة البحرية.