لماذا اعتقلت موسكو أبا القنبلة الهيدروجينية؟
في حدود الساعة السابعة صباحاً يوم 29 آب/أغسطس 1949، أجرى الاتحاد السوفيتي بنجاح أولى تجاربه النووية حيث تمكن الباحثون السوفيت من تفجير أول قنبلة نووية سوفيتية حملت اسم جو 1 نسبة للقائد السوفيتي، جوزيف ستالين. وبعدها بحوالي 6 سنوات، تمكن الباحثون من تحقيق إنجاز جديد عقب تمكنهم يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1955 من إجراء تجربة ناجحة على أول قنبلة هيدروجينية لهم.
ويعود الفضل في ظهور القنبلة الهيدروجينية السوفيتية للعالم النووي السوفيتي أندري ساخاروف Andrei Sakharov حيث لعب الأخير الدور الأبرز في تصميمها.
ينحدر ساخاروف، المولود بموسكو يوم 21 أيار/مايو 1921، من عائلة ذات سجل حافل بمجال العلوم. واقتداء بوالده الفيزيائي وعازف البيانو، ألقى ساخاروف محاضرة دكتوراه الفيزياء الخاصة به عام 1948. وبفضل نجاحه العلمي، انضم الأخير للفريق السوفيتي الذي عمل على تطوير الأسلحة النووية السوفيتية بفترة تميزت بتزايد العداء بين المعسكرين الغربي والشرقي.
ومنذ مطلع الخمسينيات، عمل ساخاروف على تطوير القنبلة الهيدروجينية السوفيتية. وخلال تلك الفترة، تشاءم المسؤولون السوفيت عقب سماعهم بخبر نجاح الأميركيين في تطوير هذا السلاح وتفجيرهم لأول قنبلة هيدروجينية لهم عام 1952.
وبفضل أبحاث ساخاروف، البالغ من العمر 34 عاما، على برنامج القنبلة آر دي أس 37 RDS-37، تمكن الاتحاد السوفيتي يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1955 من تفجير أول قنبلة هيدروجينية بلغت شدتها 1.6 ميغاطن.
اعتقال وإقامة جبرية
عقب نجاح أبحاثه، تساءل ساخاروف عن جدوى اكتساب الدول للأسلحة النووية. وأمام هذا الوضع، راسل الأخير المسؤولين السوفيت وحذرهم من خطورة انتشار هذا النوع من الأسلحة. وبحلول عام 1966، تحول الأخير لمعارض وحقوقي انتقد السياسات السوفيتية بمجال حقوق الإنسان.
وخلال السنوات التالية، كتب ساخاروف العديد من المقالات السياسية لصالح الصحف الغربية كما أسس بالاتحاد السوفيتي جمعية للدفاع عن ضحايا العنف السياسي أملا في مساعدة العلماء والمثقفين ضد الأجهزة الأمنية السوفيتية. وبفضل هذه الأنشطة، حصل ساخاروف عام 1975 على جائزة نوبل للسلام.
عقب انتقاده للمسؤولين السوفيت، اعتقل ساخاروف عام 1980 من قبل الأجهزة الأمنية ووُضع تحت الإقامة الجبرية في غوركي Gorki. وعلى الرغم من تدهور حالته الصحية، واصلت السلطات السوفيتية فرض رقابة صارمة عليه مانعة إياه من مغادرة إقامته.
ومع تولي ميخائيل غورباتشوف زمام الأمور بالاتحاد السوفيتي، وجّه ساخاروف العديد من الرسائل للقائد الجديد للكرملين. وبفضل ذلك، حصل هذا الفيزيائي السوفيتي على عفو قبل أن يتمكن عام 1989 من الالتحاق بالبرلمان السوفيتي.
ويوم 14 كانون الأول/ديسمبر 1989، فارق ساخاروف الحياة عن عمر ناهز 68 عاما دون أن يشاهد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه عام 1991.