بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق صندوق النقد الدولي يؤجل النظر في إقراض تونس
أرجأ صندوق النقد الدولي حتى أجل غير مسمى النظر في الاتفاق المبدئي مع تونس على منحها قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.
وكان من المقرر أن يناقش مجلس إدارة الصندوق الطلب التونسي خلال اجتماعه المقبل الاثنين 19 ديسمبر الجاري، لكن الصندوق نشر يوم الأربعاء تحديثا على موقعه الإلكتروني لجدول أعمال الاجتماع لم يشمل ملف تونس.
وأفادت وكالة الأنباء التونسية الرسمية نقلا عن مصدر رسمي، الخميس، بأنه سيتم الاتفاق على موعد جديد لإدراج النقطة المتعلقة بالمصادقة على تسهيل الصندوق الممدد لفائدة تونس، بجدول أعمال المجلس خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد التشاور بين الطرفين بهدف منح السلطات التونسيّة متسعا من الوقت لوضع اللمسات الأخيرة لمتطلبات برنامج الاصلاحات، الذّي قدمته لهيكل التمويل الدولي.
وذكرت الوكالة أن تونس تعتزم إعادة عرض ملف الإصلاحات عند استئناف اجتماعات إدارة صندوق النقد الدولي بعد عطلة السنة الادارية أي خلال شهر يناير 2023.
ومنتصف أكتوبر الماضي، أعلن الصندوق عبر بيان التوصل إلى اتفاق على مستوى خبراء الصندوق مع تونس حول برنامج مدته 48 شهرا في إطار “تسهيل الصندوق الممدد” بقيمة بحوالي 1.9 مليار دولار أمريكي لدعم السياسات الاقتصادية في تونس.
ويهدف البرنامج الجديد الذي تنفذه تونس بدعم من صندوق النقد الدولي إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي والعدالة الضريبية، وتعزيز الإصلاحات الداعمة لإرساء بيئة مواتية للنمو الاحتوائي واستدامة فرص العمل.
وتوقع الصندوق، وفق البيان، تباطؤ النمو في المدى القريب، بينما سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية إلى الضغط على التضخم والميزان الخارجي والمالي لتونس.
وفي نوفمبر الماضي، شهد معدل التضخم في تونس ارتفاعا غير مسبوق إلى 9.8 بالمئة في ظل استمرار تذبذب وفرة السلع الأساسية محليا وارتفاع أسعارها عالميا، بحسب المعهد الوطني الإحصاء حكومي.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية.
وتعليقا على تأجيل النظر في طلب حصول تونس على قرض، أوضح المحلل الاقتصادي التونسي عز الدين سعيدان، أن إلغاء هذه النقطة بشكل غير رسمي من خلال تحيين روزنامة اجتماعات مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، يكمن في رغبة صندوق النقد الدولي في “التأكد، مسبقا، من استعداد مانحين آخرين للانضمام إلى الصندوق لإنجاح معا برنامج الإصلاح المقترح من الدولة المعنية”.
وبحسب سعيدان فإنّ صندوق النقد الدولي والمانحين الآخرين ووكالات الترقيم تطرح كلّها التساؤل ذاته: “هل أنّ السلطات التونسيّة قادرة، فعليّا، على تنفيذ الإصلاحات، التي التزمت بشأنها؟”مشيرا إلى أنه غالبا ما تكون الإجابة بـ”لا”.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن هناك “مشكل جدي يتعلق بمصداقية السلطات التونسية بسبب الخطابات المتضاربة تماما، لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، وحكومته بالإضافة إلى الموقف الحاسم للاتحاد العام التونسي للشغل بشأن برنامج الإصلاح، الذي تبنته الحكومة”.
ويرى سعيدان أن صندوق النقد الدولي يرغب من وراء تأجيل النظر والمصادقة على التمويل الجديد لتونس التأكد من أن قانون المالية لسنة 2023 ليس في تضارب مع برنامج الإصلاحات، الذي على أساسه، تمّ الحصول على موافقة الصندوق على مستوى الخبراء.
وذكر أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 يجب أن يكون موقعا من طرف رئيس الجمهورية في حين أن النسخة المقدمة للصندوق لم تكن كذلك.
وأضاف “البلاد في حاجة إلى تصرف حكيم ووطني وسليم ومسؤول”.
من جهته رجح الاقتصادي والجامعي، رضا شكندالي، أن “السبب الرئيسي لهذا القرار هو عدم توافق الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بشأن الاصلاحات المضمّنة في برنامج الاصلاحات موضوع اتفاق الخبراء”.
واعتبر أن تداعيات التأجيل ستكون “خطيرة جدا”، موضحا أن القرار سيعمق الأزمة المالية الخانقة ويبعثر الأوراق بخصوص مشروع ميزانية الدولة لسنة 2023 على مستوى تعبئة الموارد الخارجية اللازمة لتسديد مبالغ مهمة من العملة الصعبة في شكل ديون خارجية وكذلك لتأمين التزود بالمواد الأساسية وبالأدوية وربما بالتجهيزات والمواد الأولية اللازمة لعملية الإنتاج.
المصدر: وكالات