لماذا دمّر الفرنسيون سفنهم الحربية عام 1942؟
يوم 22 يونيو 1940، وقّع الفرنسيون بمنطقة كومبين على معاهدة الهدنة التي كرست استلام باريس ونهاية معركة فرنسا التي حقق خلالها الألمان نصرا ساحقا على الجيش الفرنسي، بعد معارك ضارية استمرت ما بين شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو 1940. وبالفترة التالية، قسمت فرنسا لقسمين. فبينما احتل الألمان القسم الشمالي القريب من حدودهم والأراضي المطلة على الأطلسي، حافظ الفرنسيون على القسم الجنوبي الذي ظهرت به حكومة فيشي Vichy العميلة للألمان.
خرق الهدنة
ردا على الإنزال الأميركي البريطاني بشمال إفريقيا، أطلق أدولف هتلر العنان لعملية غزو مناطق فرنسا الحرة بالجنوب. وبعد مضي أيام عن بداية الغزو، أعلن الجيش الألماني عن بداية عملية ليلاس Lilas التي اتجهت من خلالها القوات الألمانية يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1942 للسيطرة على القطع البحرية الفرنسية المتمركز بميناء طولون Toulon والتي قدّر عددها بنحو 90 قطعة بحرية بلغ إجمالي وزنها 230 ألف طن.
وبعملية مخالفة تماما لما جاء بهدنة 1940، تقدمت القوات الألمانية نحو طولون من الشرق للسيطرة على حصن لامالغ Lamalgue قبل المرور نحو مخازن الذخيرة بموريون Mourillon. ومن الغرب، حاولت فرقة مسلحة ألمانية أخرى التقدم للسيطرة على بطاريات المضادات الواقعة عند كاب سيبيت Cap Cepet المطلة على مخرج الميناء العسكري.
تخريب الأسطول البحري
في حدود الساعة الرابعة والنصف صباح يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1942، باشر الألمان تدخلهم بحصن لامالغ. وأمام هذا الوضع، رفض الأميرال الفرنسي جان دي لابورد Jean de Laborde، الذي تواجد على متن البارجة الحربية ستراسبورغ Strasbourg، تسليم الأسطول البحري الفرنسي بطولون للألمان. وبدلا من ذلك، أمر الأخير جنوده بتخريب سفنهم الحربية وإغراقها حال سماعه بخبر دخول القوات الألمانية لميناء طولون. ولحسن حظ الفرنسيين حينها، تاهت الدبابات الألمانية بمداخل ميناء تولون موفرة بذلك للبحرية الفرنسية وقتا كافيا لتدمير سفنها.
وعلى مدار دقائق، تتالت الانفجارات بميناء طولون، التي أثارت الرعب بقلوب سكان القرى المجاورة الذين لم يترددوا في مغادرة منازلهم إيمانا منهم ببداية عملية قصف ألمانية مكثفة على ميناء طولون. وقد أسفرت هذه العملية حينها عن تخريب وتدمير 77 قطعة بحرية فرنسية كان من ضمنها 3 بوارج حربية و19 مدمرة إضافة لنحو 16 غواصة و12 قاربا قاذفا للطربيدات. ومن جهتهم، تمكن الألمان من السيطرة على نحو 36 قطعة حربية فرنسية كان جلها قد تعرض لأضرار جسيمة.
وفي الأثناء، تمكنت 5 غواصات فرنسية من مغادرة ميناء طولون. وبينما التحقت 3 منها بقوات الحلفاء بشمال إفريقيا، دمّرت واحدة بعد فترة وجيزة من رحيلها عن الميناء بينما اتجهت الأخيرة نحو إسبانيا، التي كانت دولة محايدة، حيث جردت من أسلحتها.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، اتهم الأميرال الفرنسي لابورد بالخيانة، بسبب رفضه الالتحاق بالحلفاء بشمال إفريقيا منذ البداية. وبسبب ذلك، صدر في حقه حكم بالإعدام تم تخفيفه فيما بعد للسجن المؤبد. وعام 1951، استعاد الأخير حريته عقب صدور عفو بحقه.