صناعة الطيران في روسيا.. ربط الأحزمة استعدادا للإقلاع!
تلقت صناعة الطيران الروسية، خلال العام الذي يشارف على الانتهاء، إجابات على أسئلة لم يكن يجرؤ أحد من الخبراء حتى على طرحها افتراضيا منذ عام بالتمام والكمال.
لعل أهم هذه الأسئلة:
ماذا سيحدث لهذه الصناعة إذا تم حظر توريد الطائرات المدنية وقطع الغيار من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية؟
ماذا لو أجبرنا المؤجرين الأجانب على فسخ جميع العقود مع شركات الطيران الروسية، لحظر صيانة الطائرات والتأمين عليها؟
ماذا سيحدث لو أصبحت المجالات الجوية مغلقة إلى حد كبير؟
صورة أرشيفية
GloballookpressLeonid FaerbergTransport Photo Images
يقول المدير التنفيذي لوكالة “آفيا بورت” AviaPort أوليغ بانتيليف إن “النتيجة الرئيسية لعام 2022 هي أن صناعة الطيران الروسية أظهرت مرونة في مواجهة العقوبات غير المسبوقة، ولم يحدث ما كانت تستهدفه هذه العقوبات”.
ولكن، بالنسبة للمواطنين الروس، أصبحت التغييرات مهمة للغاية، فقد تغيرت المسارات الجوية، وأنظمة الحجز المعتادة. ففي نهاية المطاف، أصبحت السماوات مغلقة في عدد من دول العالم، فقد أغلق مجالاته الجوية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وعدد من الدول الأخرى أمام الطائرات الروسية، وكان رد فعل روسيا بالمثل، فأغلقت هي الأخرى مجالها الجوي أمام شركات الطيران من الدول غير الصديقة.
في مثل هذه الظروف، لم يعد أمام الركاب سوى ربط أحزمة المقاعد الخاصة بهم، والانتظار حتى إقلاع الخطوط الملاحية المنتظمة من منطقة الهزات الجوية.
لقد انخفض حجم النقل الجوي في روسيا على مدار العام المنصرم، ولكن ليس على نحو خطير، وإذا كانت الخطوط الجوية الروسية في عام 2021 قد نقلت أكثر من 111 مليون مسافر، فسوف تصل بنهاية هذا العام إلى ما يقرب من 100 مليون مسافر، وهو الهدف الذي حدده الرئيس فلاديمير بوتين.
فقد اعترفت وزارة النقل الروسية، نهاية نوفمبر الماضي، بأن شركات الطيران ستنقل ما بين 94 و96 مليون مسافر فقط في هذا العام، والسبب الرئيسي لهذا الانخفاض هو تقييد الرحلات الداخلية فوق المناطق المجاورة لأوكرانيا، حيث لا يزال 11 مطارا روسيا مغلقا: بيلغورود وبريانسك وفورونيج وجيلندجيك وكراسنودار وكورسك وليبيتسك وروستوف على نهر الدون وسيمفيروبول وإليستا.
ويعتقد الخبير بانتيليف أن تقييد حركة المرور الدولية لم يكن له تأثير كبير على حجمها، حيث تم تعويضه من خلال إعادة توزيع الطائرات على الوجهات المتاحة. في الوقت نفسه، انخفض عدد الوجهات الأجنبية بنحو 5 مرات على مدار العام.
ووفقا لوكالة النقل الجوي الفدرالية، فقد تم تشغيل رحلات جوية مباشرة، اعتبارا من منتصف ديسمبر، من روسيا إلى 22 دولة هي: أذربيجان وأرمينيا وبيلاروس وأوزبكستان وفنزويلا ومصر وإسرائيل والهند وإيران وكازاخستان والصين وقرغيزستان وكوبا ولاوس وجزر المالديف والإمارات العربية المتحدة وسيشيل وتايلاند وسريلانكا وطاجيكستان وتركمانستان وتركيا. قبل عام، كان هناك أكثر من 100 وجهة من هذه.
وقد ساعدت الدولة في الحفاظ على ذروة صناعة الطيران، فخلال هذا العام، تم تخصيص 100 مليار روبل 1.46 مليار دولار من الإعانات لشركات الطيران للرحلات الجوية داخل روسيا، و19.54 مليار روبل أخرى 285 مليون دولار لاسترداد تكلفة التذاكر الملغاة للركاب، و2.9 مليار روبل 42 مليون دولار لشركات الشحن الجوي، و15 مليار روبل 219 مليون دولار لدعم نظام إدارة الحركة الجوية وحركة المرور، و7.5 مليار روبل 109 ملايين دولار للمطارات المغلقة مؤقتا في الجزء الجنوبي والأوسط من روسيا.
الطائرة الروسية “سوبرجيت” MC21 صورة أرشيفية
GloballookpressLeonid FaerbergTransport Photo Images
إضافة إلى ذلك، تم تخصيص أكثر من 27 مليار روبل 394 مليون دولار للبرامج التقليدية لدعم النقل الإقليمي، ونقل الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة من المواطنين، ودعم منطقة الشرق الأقصى.
ووفقا لما صرحت به الوكالة الفدرالية لوكالة “نوفوستي” الروسية، فإنه من الممكن بالفعل استنتاج أن تدابير دعم الدولة قد أظهرت فعاليتها وجعلت من الممكن تقليل العواقب السلبية للعقوبات الغربية ضد صناعة الطيران الروسية. ووفقا للوكالة، فإن دعم الدولة جعل من الممكن تجنب حدوث انخفاض كبير في السفر الجوي على المسارات الداخلية للطيران، وتجنب زيادة أسعار تذاكر الطيران، وتجنب التسريح الجماعي للعاملين في مجال الطيران. كما أن الإجراءات المتخذة قد حافظت على تنقل الركاب وحافظت على المستوى اللازم من سلامة الطيران.
لكن الاستنتاج الرئيسي الذي كان على صناعة الطيران استخلاصه في نهاية العام هو أن البلاد بحاجة ماسة إلى طائراتها وبرامجها وجميع الخدمات الخاصة بها، حيث تمتلك شركات الطيران الروسية ما يكفي من الطائرات لتلبية الطلب على النقل للعام المقبل، إلا أن الحفاظ على صلاحية الطائرات للطيران للأسطول المستورد سيصبح أكثر تكلفة كل عام، ففي “النصف الثاني من العقد الحالي، سيكون توريد الطائرات المحلية الجديدة هو المصدر الرئيسي لتجديد القدرة الاستيعابية” وفقا لما يقوله بانتيليف.
ومن بين الإنجازات الهامة، أشار الخبير الروسي إلى أن التحول القسري إلى أنظمة الحجز المحلية، والذي نفذته الشركات في العام الماضي، كان تحديا كبيرا، فوفقا له: “من الصعب العثور على حالة للانتقال من نظام حجز جديد في مثل هذا الوقت القصير وبدون إخفاقات طويلة المدى على نطاق واسع، حيث كان ذلك تحديا كبيرا لمطوري أنظمة تكنولوجيا المعلومات لدينا وشركات الطيران، وقد نجحوا في تجاوزه”.
وتعمل الشركات الروسية الآن في صيانة وإصلاح الطائرات الأجنبية، حيث يتابع بانتيليف: “نرى اليوم أنه بالنسبة لمعظم أنواع الطائرات أجنبية الصنع، فإن مقدمي الخدمة الروس لديهم تصاريح من سلطات الطيران الروسية للصيانة والإصلاح، وقد تم تأكيد الكفاءة في إصلاح مكونات معينة للطائرات الأجنبية”.
وقال: “بالطبع تبقى الأسئلة المفتوحة مع إصلاح المحركات، وعدد من المكونات الإلكترونية، ولكننا هنا، وكما نرى، نعمل على إقامة تعاون مع دول ثالثة لا تدعم العقوبات”، مشيرا إلى دور الواردات الموازية، حيث تمتلك شركات الطيران، وفقا له، كمية كافية من المواد الاستهلاكية وقطع الغيار، ويمكن استنتاج أن صناعة الطيران الروسية تتعامل بفعالية مع هذا التحدي.
ويقيّم الخبير النتائج الإجمالية للعام بالنسبة لصناعة الطيران في روسيا بشكل إيجابي، ويتوقع أن تكون النتائج المالية إيجابية بشكل عام قائلا: “بناء على ذلك، فلا توجد ثغرات مالية في شركات الطيران وحالات إفلاس جماعية عقب نتائج العمل هذا العام”.
وتبدو توقعات بانتيليف بشأن أسعار تذاكر الطيران جيدة: “لن تظهر تكلفة الرحلة في عام 2023 زيادة ملحوظة إذا ظلت الظروف الحالية مستقرة واستمر دعم الدولة، في الوقت الذي قد تظهر فيه فرص جديدة لرحلات الركاب من روسيا إلى وجهات دولية أخرى، حيث يقول: “أنا على يقين من أن المفاوضات بين سلطات الطيران الروسية ودول أخرى في عام 2023 ستعطي نتائج مهمة، وستؤدي إلى فتح رحلات إلى وجهات جديدة”.
لقد أدركت الدول الغربية بالفعل أن الطيران حول روسيا باهظ الثمن، وتفكر في استئناف الرحلات الجوية في مجالها الجوي، فيما حذر الرئيس التنفيذي لاتحاد النقل الجوي الدولي IATA ويليام وولش من أن شركات الطيران الأوروبية ستخسر المنافسة أمام الصينيين بسبب هذه القيود.
المصدر: نوفوستي