دم بطعم الشاي والأفيون

دم بطعم الشاي والأفيون

أعلنت بريطانيا في 26 يناير 1841، هونغ كونغ مستعمرة لها، واستخدمتها كنقطة انطلاق لعملياتها العسكرية بهدف إجبار الصين على وقف إجراءاتها المضادة للأفيون البريطاني.

هونغ كونغ المنطقة الواقعة على ساحل الصين الجنوبيّ، دمجت لأول مرة بالصين في عام 243 قبل الميلاد وبقيت تحت السيطرة الصينية بشكل شبه متواصل لألفي سنة تالية، إلى أن وقعت تحت السيطرة البريطانية في عام 1842، وأصبحت تسمى هونغ كونغ البريطانية!

الشاي مقابل الأفيون:

بريطانيا كانت في القرن التاسع عشر صاحبة شهية لا حدود لها للشاي الصيني، إلا أن سلالة تشينغ ورعاياها كانوا يعزفون عن شراء أي منتجات بريطانية، وجرت مطالبة البريطانيين بدفع أثمان الشاي بالفضة أو الذهب.

كانت حكومة الملكة فيكتوريا غير مستعدة لاستخدام المزيد من احتياطيات الذهب أو الفضة لديها لشراء الشاي، في حين كانت الضريبة المفروضة على استيراد الشاي تشكل القسم الأكبر من الاقتصاد البريطاني.

وهكذا قررت الحكومة البريطانية تصدير الأفيون المنتج في مستعمراتها في شبه القارة الهندية بالقوة إلى الصين، ومقايضة الشاي بالأفيون.

السلطات الصينية في ذلك الوقت التي كان يعاني جيشها من تفشي كبير للإدمان بالطبع اعترضت على تصدير مواطني دولة أجنبية المواد المخدرة إلى أراضيها، في حين أن البريطانيين في ذلك الوقت لم يكونوا ينظرون إلى الأفيون على أنه يمثل أي خطر بالنسبة لهم.

علاوة على ذلك كانت تجارة الأفيون مربحة للغاية، ويُسجل أن أشخاصا جنوا ثروات كبيرة من تصدير الأفيون من بينهم، تاجر الأفيون وارين ديلانو “1809-1898″، جد الرئيس الأمريكي في وقت لاحق فرانكلين ديلانو روزفلت “1882-1945”.

تصدير الأفيون بالحرب:

حين تبين لحكومة سلالة تشينغ أن الحظر الشامل الذي فرضته على واردات الأفيون لم يكن مجديا، بسبب عمليات التهريب الواسعة التي يقوم بها التجار البريطانيون، اتخذت المزيد من الإجراءات المضادة، وقامت في عام 1839 بتدمير 20 ألف بالة من الأفيون، كل منها يحتوي على 140 رطلا من المخدرات. وردت المملكة المتحدة على هذه الخطوة بإعلان الحرب لحماية عمليات تهريب المخدرات غير المشروعة.

استمرت حرب الأفيون الأولى من عام 1839 إلى عام 1842، وقامت بريطانيا بغزو البر الصيني الرئيس واحتلت جزيرة هونغ كونغ في 25 يناير 1841، مستخدمة إياها رأس حربة في عملياتها العسكرية لإجبار الصين على عدم عرقلة دخول الأفيون إليها.

الصين هزمت في الحرب وأجبرت على التنازل عن هونغ كونغ لبريطانيا بموجب معاهدة نانجينغ. ونتيجة ذلك، أصبحت هونغ كونغ مستعمرة تابعة للتاج البريطاني.

على الرغم من كل ذلك، لم تنجح معاهدة نانجينغ في حل النزاع بين الطرفين حول تجارة الأفيون، وتفجر الصراع مرة أخرى في حرب أفيون الثانية.

 كانت تسوية هذا النزاع جرى بواسطة اتفاقية بكين الأولى، التي تم التصديق عليها في 18 أكتوبر 1860، حين استحوذت بريطانيا على الجزء الجنوبي من شبه جزيرة كولون وجزيرة نغونغ شوين تشاو.

توالى الزمن، وأبرم البريطانيون في 9 يونيو 1898 في عهد الملكة فيكتوريا عقدا مع الصين لاستئجار هونج كونج لمدة 99 عاما.

واتفقت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر في عام 1984 ورئيس الوزراء الصيني زاو زيانغ على خطة رئيسة لإنهاء عقد الإيجار تتمتع بموجبها هونغ كونغ،  بحكم ذاتي لمدة 50 عاما بعد انتهاء مدة عقد الإيجار.

هونغ كونغ عادت إلى الصين، الوطن الأم في عام 1997، فيما طوى التاريخ تلك الحقبة الطويلة من الاستعمار وإجبار الصين على بيع الشاي اللذيذ مقابل الأفيون السام!

المصدر: RT

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *