أستاذ قانون دولي يكشف لـRT مفاعيل قرار “الجنائية الدولية” بخصوص بوتين
أكد أستاذ القانون الدولي محمد محمود مهران، أن عدم خضوع روسيا لصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية، وذلك على خلفية إصدار الأخيرة أمر “اعتقال” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال الدكتور مهران في تصريح لـ”RT”، إن بيان “الجنائية الدولية” – المنشأة بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998 – اليوم 17 مارس، بخصوص أمر اعتقال الرئيس بوتين، وماريا لفوفا بيلوفا، المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل في روسيا، نتيجة لما آل إليه الوضع في أوكرانيا، وارتكاب جرائم حرب.”
روسيا أوقفت مشاركتها فيها منذ 2016
وأضاف: “أصدر الرئيس الروسي بوتين أمرا في 16 نوفمبر عام 2016 يقضي بعدم مشاركة روسيا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك بناء على اقتراح وزارة العدل الروسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والجهات المعنية، بالإضافة إلى اقتراح لجنة التحقيق الروسية، والنيابة العامة والمحكمة العليا في روسيا، رفضاً لتقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي انتقد ممارسات روسيا فيما يتعلق بضمها لشبه جزيرة القرم، وإذكاء نار الصراع في شرق أوكرانيا في عام 2014.”
ولفت أستاذ القانون الدولي العام إلى أن روسيا أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة بإيقاف مشاركتها باتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، والتي كانت قد وقّعت عليها في 13 سبتمبر عام 2000، لافتا إلى أن روسيا لم تصادق على الاتفاقية حتى تاريخ ايقاف مشاركتها، لتشكيكها في مصداقيتها، ولعدم تحقيق العدالة، ولأنها خيبت الآمال المنوطة بها على حد وصف الخارجية الروسية في بيان رسمي، وبعد أن ركزت المحكمة على اتهامات لميليشيات أوسيتية وقوات روسية بارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب الروسية الجورجية القصيرة في أغسطس عام 2008، ولغضها النظر عما ارتكبته القوات الجورجية، بحسب قولها في البيان.
وتابع مهران: إن صدور مذكرات توقيف بحق الرئيس الروسي والمفوضة الرئاسية لحقوق الطفل في روسيا من الدائرة التمهيدية الثانية بالمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا جاء بناء على المــادة 58 من نظام روما الأساسي والتي تقضي بأحقية الدائرة التمهيدية بالمحكمة في أي وقت بعد الشروع في التحقيق، وبناءً على طلب المدعي العام، أن تصدر أمراً بالقبض على الشخص المتهم بارتكاب جرائم الحرب إذا اقتنعت بعد فحص الطلب والأدلة أو المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن هذا الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، أو أن القبض على هذا الشخص يبدو ضرورياً، بالإضافة إلى منعه من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو لمنع ارتكاب جريمة ذات صلة بها تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها.
لا عقاب إلّا بتحقّق الأركان المادية وتوافر القصد والعلم
هذا وأشار أستاذ القانون الدولي، إلى أن روسيا لا تعترف بهذا الأمر، وتعتبره باطلاً لانسحابها من النظام، موضحاً أنه نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية اشترط توافر الركن المادي والمعنوي لارتكاب الجرائم المنصوص عليها، وليكون الشخص المتهم مسؤول جنائياً، حتى لو كانت الدولة غير طرف بالنظام، لافتاً إلى أن المادة 30 من نظام روما الأساسي تقضي بأنّه لا يسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة إلّا إذا تحقّقت الأركان المادية مع توافر القصد والعلم.
وأضاف أن المادة 31 من النظام المشار إليه نصّت أيضاً على عدد من الأسباب لامتناع المسؤولية الجنائية، أبرزها ما جاء بالفقرة 1/ج، والتي منعت المسؤولية إذا كان تصرف الشخص المعني على نحو معقول للدفاع عن نفسه أو عن شخص آخر، أو اذا كان يدافع في حالة جرائم الحرب عن ممتلكات لا غنى عنها لبقاء الشخص أو شخص آخر أو عن ممتلكات لا غنى عنها لإنجاز مهام عسكرية ضد استخدام وشيك وغير مشروع للقوة، وذلك بطريقة تتناسب مع درجة الخطر الذي يهدّد هذا الشخص أو الشخص الآخر أو الممتلكات المقصود حمايتها.
إشكالية التحقيقات الماضية قدماً
ونوه الدكتور مهران قائلاً: إذا كانت روسيا كما تدّعي لا تتحمل أي التزامات بموجب هذا النظام، ويحق لها ألّا تتعاون مع هذه المحكمة، إلا أن الإشكالية تكمن في أن التحقيقات ستمضى قدماً، متابعاً: غير أن جميع الدول الأطرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يستوجب عليهم التعاون وتنفيذ قرارات المحكمة الأخيرة، حيث تنفذ هذه القرارات وصلاحيات المحكمة على أراضي تلك الدول، وذلك وفقاً للمادة 86 من هذا النظام والتي تؤكد على الالتزام بالتعاون بين الدول الأطراف، تعاوناً تاماً مع المحكمة فيما تجريه، في إطار اختصاص المحكمة، من تحقيقات في الجرائم والمقاضاة عليها.
واعتبر أن أمر “الاعتقال” الصادر من المحكمة الجنائية الدولية خطر يواجه الرئيس الروسي، لافتاً إلى أنه سيترتب عليه تقييد تحركاته بشكل كبير وخاصة في الدول الأطراف بنظام روما الأساسي، مشيراً إلى نص المادة 59 من ذلك النظام، والتي أكدت على أن تقوم الدولة الطرف، التي تتلقى طلباً بالقبض الاحتياطي أو طلباً بالقبض والتقديم، باتخاذ خطوات على الفور للقبض على الشخص المعني وفقاً لقوانينها ولأحكام الباب التاسع.
ازدواجية المعايير
هذا واستعجب أستاذ القانون من ازدواجية المعايير، وصدور مثل هذا القرار في الوقت الراهن، ورغم مناداة العالم المتكررة بتطبيق القانون الدولي في حالات أخرى وخاصة في حالة الكيان الصهيوني، وطلب إحالة مرتكبى الجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني للتحقيق أو للمحاكمة دون جدوى، ممّا يهدّد الأمن والسلم الدوليين، ويخرج المحكمة عن دورها المنشود، وما يؤدي إلى إحداث ضجّة عالمية وعمل سوابق تتعارض مع الأعراف الدولية المتبعة على الصعيد الدولي.
وشدد على ضرورة مراجعة هذا القرار الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة على حد وصفه، مناشداً سماع صوت العقل ووقف صراعات القوى العظمى، وضرورة وقف الحرب، وعدم إراقة المزيد من الدماء، والوصول لتسوية سلمية فى النزاع الروسي الأوكراني وفقاً لقواعد القانون الدولي، الذي أثر على العالم أجمع، مشيراً إلى أن هذه القرارات أصبح لها طابع سياسي أكثر، لتكون وسيلة للضغط على الدول، وتحقيق مصالح البعض.
المصدر: RT
القاهرة – ناصر حاتم