معرض الكتاب يحتفي بمكتبة الكاظمية: إرث ثقافي ومرجع للباحثين
بغداد – – آية منصور
على الرغم من أن معرض الكتاب يستمر بعرض آلاف النسخ من الإصدارات الحديثة التي تجذب القراء من مختلف الأعمار والاهتمامات، إلا أن المنظمين لم ينسوا أن يسلطوا الضوء على أحد أهم المعالم الثقافية في بغداد؛ مكتبة الكاظمية العامة، أقدم مكتبة في العاصمة. تم تخصيص جناح خاص للمكتبة داخل المعرض، ليحتفي بإرثها الغني وتاريخها الممتد على مدى عقود. هذه المكتبة التي تأسست بجهود محلية قبل أن تتبناها الجهات الحكومية، تمثل مصدرًا لا غنى عنه للمثقفين والباحثين، وتحتضن بين أرففها كتبًا نادرة ومخطوطات ثمينة تعود لقرون مضت.
مكتبة الكاظمية العامة ليست مجرد مكان لتخزين الكتب؛ إنها مركز ثقافي يشهد على تاريخ طويل من المعرفة والتعليم، حيث تواصل لعب دور محوري في نشر الوعي والمعرفة رغم تغيرات العصر وتقدم التكنولوجيا.
مظفر النواب في المكتبة
يؤكد مُصنف الكتب علي مرتضى، ان مكتبة الكاظمية العامة، والتي تطل على جسر الأئمة، تأسست في عام 1947 على يد داوود العطار، مبينا ان المكتبة بدأت بجهود فردية داخل أحد بيوتات منطقة الكاظمية، ثم تبنتها محافظة بغداد. لاحقًا، أُعيد بناء المكتبة تحت اسم “مكتبة المعارف”، قبل أن تصبح تُعرف باسم “مكتبة الكاظمية العامة” نظرًا لقربها من ضريح الإمام موسى الكاظم.ع
تحتوي المكتبة على حوالي 23 ألف كتاب تغطي مجموعة واسعة من التخصصات، بما في ذلك الجغرافيا، التاريخ، اللغات، الفنون، ومجالات أخرى. تضم المكتبة كتبًا نادرة مثل “الكتاب الخاص” الذي يعود لعام 1809، ومجلات قديمة من الخمسينيات والستينيات، بما في ذلك “الوقائع العراقية” التي تُعد مصدرًا مهمًا للباحثين. يوضح علي مرتضى بحديثه لوكالة الانباء العراقية .
تعتبر المكتبة الأقدم في بغداد، وكانت مكانًا رئيسيًا يرتاده المثقفون والأدباء. التقى العديد من الشخصيات الأدبية والشعراء في اروقتها، من بينهم الشاعر مظفر النواب الذي كان يلقي الشعر فيها، بالإضافة إلى أعلام عراقيين مثل حسين علي محفوظ وعلي الوردي.
لغات مختلفة
يتحدث سكان الكاظمية عن دور المكتبة كمكان مهم للدراسة والقراءة، ويشيرون إلى تنوع المصادر والكتب النادرة التي تضمها، مما جعلها مقصدًا مهمًا للباحثين والمثقفين من الكاظمية والأعظمية على حد سواء. ويكمل علي مرتضى، انها تُعد أحد المعالم الثقافية الرائدة التي ساهمت في تأسيس أجيال من المثقفين والعلماء.
تميز المكتبة يعود إلى قربها من ضريح الإمام موسى الكاظم، ما أضفى عليها قيمة دينية وثقافية، بالإضافة إلى كونها عريقة بأصالتها وبروادها الذين كانوا من أهم المثقفين. ما يجعل المكتبة فريدة هو احتواؤها على كتب نادرة ومخطوطات، بعضها هدايا من رؤساء دول، إضافة إلى نسخ فريدة غير موجودة في أي مكتبة أخرى.
ويقول علي مرتضى لوكالة الانباء العراقية ان المكتبة تحتوي أيضًا على مؤلفات بلغات مختلفة، مما يغني الباحثين بمصادر متعددة اللغات. ورغم انتشار الإنترنت، لا يزال الطلب على المكتبة مستمرًا، حتى خلال فترة جائحة كورونا، حيث الباحثون للحصول على مراجع موثوقة لأبحاثهم.
الوقائع العراقية
تضم المكتبة أيضًا جرائد ومجلات تاريخية مهمة مثل “الوقائع العراقية” التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للتشريعات والقوانين العراقية، بالإضافة إلى صحف نادرة مثل “الثورة”، “الوثبة”، و”الجمهورية”، وكتاب الجبر الابتدائي الذي يعود لعام 1918ونسخة نادرة واصلية من مفاتيح الجنان وكتاب الكنزل اللغوي في اللسن العربي 1903 وكتاب سلس الغانيات في ذوات الطرفين من الكلمات النادر جدا والذي يعود لعام 1900، وغيرها من الكتب التي توثق تاريخ وأهمية البلاد.
يقول علي بحديثه لوكالة الانباء العراقية : للحفاظ على الكتب من التلف، يتم بانتظام تنظيف الكتب وترتيبها، كما تحتاج المكتبة إلى أجهزة متطورة لحماية الأوراق، خاصة مع وجود كتب يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1500. تشكل هذه الكتب والمجلات أرشيفًا مهمًا للصحف والوثائق، حيث يتم فهرستها بشكل تسلسلي يسهل على الزوار العثور على ما يحتاجونه بسرعة وسهولة.
اليوم، تصل أغلب الكتب إلى المكتبة من خلال تبرعات من مكتبات عائلية أو من أدباء ومثقفين، مما يعزز دورها كمركز ثقافي محوري للأجيال الحالية والقادمة.