اقتصادي يحث القائمين على مبادرة تمويل المشاريع الصناعية باتخاذ إجراءات “تجذب المستثمرين”
السابعة – بغداد
اكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي، اليوم السبت 21 كانون الأول 2024، أن مبادرة تمويل المشاريع الصناعية تعد إحدى المبادرات الرئيسية التي تهدف إلى دعم القطاع الصناعي في العراق وتعزيز دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية، منوها إلى حزمة من الإجراءات الواجب اتخاذها لضمان توجيهها بالشكل الذي يخدم أهدافها الوطنية “تجذب المستثمرين”.
وقال العبيدي في منشور على منصة “فيس بوك”، تابعته “السابعة”، إن ” المبادرة تأتي كجزء من الجهود المبذولة لتحفيز النشاط الصناعي من خلال توفير تمويل بشروط ميسرة، بما يشمل نسب فوائد منخفضة، فترات سداد مرنة، وضمانات مشجعة”، مبينا أن “هذه المزايا تجعل المبادرة جذابة للمستثمرين، حيث تتيح لهم فرصة إقامة مشاريع صناعية تدعم الاقتصاد المحلي وتقلل من الاعتماد على السلع المستوردة”.
وأضاف العبيدي، ان “بيانات البنك المركزي العراقي أوضحت أن فاتورة الاستيراد للبلاد تجاوزت 100 تريليون دينار عراقي في العام الحالي، مما يبرز الحاجة الملحة إلى تفعيل مثل هذه المبادرات للحد من هذا العبء الاقتصادي”، مشددا على ” ضرورة وضع ضوابط وأهداف واضحة للمبادرة لضمان نجاحها وتحقيق أهدافها”.
وتابع ان “تحديد أهداف قابلة للقياس يساعد على توجيه الجهود بشكل فعّال ويضمن تحقيق النتائج المرجوة. الهدف العام لتعزيز الصناعة، على الرغم من أهميته، يعد هدفاً فضفاضاً وغير قابل للمتابعة الدقيقة”، مشددا على انه “من الضروري أن يتم صياغة أهداف محددة ترتبط بمؤشرات أداء قابلة للقياس، بحيث يمكن تقييم مدى تحقيق المبادرة لهذه الأهداف”.
وبين انه “للأسف، تجربة العراق مع مبادرة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة تُظهر أهمية هذه النقطة، فقد تم تخصيص أكثر من 18 تريليون دينار عراقي لتلك المبادرة، إلا أن جزءاً كبيراً من التمويل تم توجيهه نحو مشاريع غير متصلة بدعم الاقتصاد الإنتاجي، مثل مشاريع البناء والإسكان”، منوها إلى أن “هذا التوجه لم يحقق أهداف المبادرة الاقتصادية المرجوة وأدى إلى تقليل فعاليتها”.
وبين انه “لضمان توجيه تمويل المبادرة نحو المشاريع التي تحقق الأهداف الوطنية، يجب تحديد معايير رئيسية لتقييم المشاريع المتقدمة للحصول على التمويل والتي تشمل:
1- تقليل فاتورة الاستيراد:
من الأهداف الرئيسية لأي مشروع صناعي هو تقليل الاعتماد على الواردات. مع ذلك، يجب الانتباه إلى أن بعض المشاريع قد تدعي أنها تقلل من فاتورة الاستيراد، لكنها في الواقع تستبدل استيراد المنتج النهائي باستيراد المواد الأولية. هذا التوجه لا يساهم في خفض القيمة الإجمالية للاستيراد، بل يؤدي إلى خسائر إضافية، مثل فقدان الدولة للإيرادات الجمركية على السلع المستوردة، حيث يتم إعفاء المواد الأولية المستوردة من الجمارك بموجب قوانين الاستثمار.
لذا، ينبغي إعطاء الأولوية للمشاريع التي تعتمد على مواد أولية محلية أو التي تعمل في مجال الصناعات الاستخراجية وإعادة التدوير، مقارنة بالصناعات التحويلية التي تعتمد على استيراد المواد الأولية.
2- توفير فرص العمل:
التكنولوجيا الحديثة قد قللت من الحاجة إلى الأيدي العاملة في العديد من الصناعات، حيث أصبحت خطوط الإنتاج تعمل بشكل شبه آلي. لذلك، يجب أن تكون أولوية التمويل للمشاريع التي توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة بشكل كبير. الهدف النهائي من تعزيز القطاع الصناعي هو خلق فرص عمل للشباب والباحثين عن العمل، وإذا لم تحقق المبادرة هذا الهدف، فإن فائدتها ستكون محدودة.
3- الاعتماد على بدائل الطاقة:
تعتبر تكاليف الطاقة أحد أكبر التحديات التي تواجه الصناعة المحلية في العراق، حيث تؤثر بشكل مباشر على القدرة التنافسية للمنتجات. لذلك، ينبغي تشجيع المشاريع التي تعتمد على مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية والطاقة النظيفة الأخرى. على الرغم من أن الاستثمار في هذه البدائل قد يكون مرتفعاً في البداية، إلا أنه على المدى الطويل يمكن أن يقلل من تكاليف الإنتاج ويحسن من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
4- تشجيع الصادرات:
أغلب المشاريع الصناعية في العراق تركز على السوق المحلية الكبيرة، ولكن من الضروري توجيه جزء من الإنتاج نحو التصدير. يتمتع العراق بموقع استراتيجي يتيح له الاستفادة من حجم التبادل التجاري الكبير بين دول الخليج وتركيا، والذي يتجاوز 20 مليار دولار سنوياً. كما يمكن للعراق أن يستفيد من قربه الجغرافي من أوروبا وآسيا لتقليل التكاليف اللوجستية وتوسيع قاعدة الأسواق المستهدفة. المشاريع التي تخصص جزءاً من إنتاجها للتصدير يجب أن تحظى بأولوية التمويل.
5- توطين الصناعات والمعرفة التقنية:
يجب أن تسعى المبادرة لتشجيع توطين الصناعات العالمية داخل العراق، خصوصاً في مجالات الأجهزة الإلكترونية والسيارات. جذب الشركات العالمية للعمل داخل العراق لن يؤدي فقط إلى تعزيز الصناعة المحلية، بل سيسهم في نقل المعرفة التقنية وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. المشاريع التي تستهدف توطين الصناعات الكبرى تستحق أولوية قصوى في التمويل.
6- عوامل إضافية للتقييم
• خطط التوسع المستقبلية للمشروع.
• مدى تمكين المرأة في المشروع.
• التأثير البيئي وآليات التعامل مع المخلفات.
• موقع المشروع ومدى تأثيره على التوزيع الجغرافي للتنمية.
آلية تنفيذ المبادرة
وشدد على “ضرورة أن تستند قرارات التمويل إلى نظام تقييم شامل يتجاوز دراسة الجدوى المقدمة من المستثمرين”، مؤكدا على “ضرورة أن يتضمن التقييم أهدافاً واضحة ومحددة للدولة، مع وضع أوزان نسبية لكل هدف لتحديد أولويات التمويل”.
ولفت العبيدي، إلى أن “هذا النظام يضمن توجيه التمويل نحو المشاريع التي تحقق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني”، مشيرا إلى أن مبادرة تمويل المشاريع الصناعية تمتلك إمكانيات كبيرة لتحفيز القطاع الصناعي وتعزيز التنمية الاقتصادية في العراق”.