سوريا.. محافظ اللاذقية يتحدث عن تفاصيل أحداث الساحل ويوجه رسالة طمأنة

تحدث محافظ اللاذقية محمد عثمان عن تفاصيل الأحداث التي شهدها الساحل السوري مؤخرا، مؤكدا على محاسبة جميع الأطراف المتورطة في انتهاكات بحق المدنيين.
وخلال مقابلة مع وكالة “الأناضول” التركية، قال محمد عثمان إن النظام المخلوع دأب خلال سنوات حكمه على شحن المجتمع بـ”الخطاب التحريضي الطائفي لتصوير نفسه على أنه حامي الأقليات”، موضحا أنهم أولوا في محافظة اللاذقية، اهتماما كبيرا خلال الأشهر الماضية التي تلت سقوط نظام البعث، للتواصل مع مختلف شرائح المجتمع “كي نكون جميعا مساهمين في بناء الدولة”.
وأضاف عثمان أن مظاهر التكاتف والحوار المجتمعي “لم تعجب الفلول المجرمة التي كانت تريد الشحن الطائفي واستغلت وجود عدة أطياف ومكونات في المحافظة”، لافتا إلى أن أحد أبرز دوافع الفلول لخلق الفوضى هو “إدراكهم أنه بعد ترسيخ الاستقرار في المنطقة، ستتوجه السلطات الأمنية للبحث عن المجرمين المتورطين في الدم السوري”.
وأشار إلى ظهور بعض الجهات عقب اندلاع أحداث الساحل، وإدلائها بتصريحات “ذات طابع طائفي، وحرضت على القتل واستهداف الدولة ومؤسساتها، مما ولّد مشاحنات لدى المجتمع”، مبينا حرصهم السلطات السورية الجديدة خلال الأشهر الماضية على منع حصول مثل هذه الحوادث ذات البعد والدافع الطائفي.
وفي حديثه عن اندلاع أحداث الساحل السوري الأخيرة، قال محافظ اللاذقية إنه “حصلت عدة استهدافات لمراكز أمنية وشرطية، قبل أن تقوم مجموعة من الفلول يوم 6 مارس الجاري، باستهداف قوة تابعة للأمن العام كانت تقوم برفقة قوات من وزارة الدفاع بواجبها الأمني” بريف منطقة جبلة، مشيرا إلى أن “الكمين الذي تعرضت له قوات الإدارة السورية على يد فلول النظام المخلوع، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من عناصر الأمن العام، فضلا عن تعرضهم للمحاصرة جراء كمين”.
وذكر المسؤول نفسه أنه “خلال ساعات قليلة، كان هناك انتشار لعدد كبير من مسلحي الفلول على الطريق بين طرطوس واللاذقية، وبين اللاذقية وإدلب، تخللها قطع طرق واشتباكات كثيفة”، لافتا إلى أن هذه التطورات “ولدت موجة من الغضب الشعبي” لدى السوريين في باقي المحافظات، ما دفع بأعداد كبيرة للتوجه إلى الساحل، مقدرا أن تكون أعداد هؤلاء “فاقت الـ50 ألف شخص”.
وقال محمد عثمان إنهم لم يستطيعوا في البداية “ضبط السيل العارم من هذه الجموع” التي وصلت الساحل خلال الساعات الأولى للأحداث من محافظات ومناطق أخرى، وإن قسما منهم “لم يكونوا منضوين تحت مظلة وزارة الدفاع والأمن العام”.
وتطرق عثمان في حديثه إلى طبيعة الشخصيات المتورطة في تأجيج هذه الأحداث، قائلا إن “الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تتابع هذه التفاصيل”.
ولفت إلى تلقيهم معلومات حول وجود ضباط لدى النظام المخلوع ما زالوا مختبئين في جبال اللاذقية، وهم من سعى لتجييش الناس ضد الدولة.
وقال محافظ اللاذقية متحدثا عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء الأحداث الأخيرة، إن “فلول النظام وخارجين عن القانون استهدفوا الخط الرئيسي المغذي لمحافظة اللاذقية بالطاقة الكهربائية خط 230، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء وبالتالي توقف خدمة شبكة المياه أيضا في المحافظة”، مشيرا إلى “وقوع هجمات من الفلول على بعض المشافي في المدينة أيضا، كما حصل في المشفى الوطني والمشفى الجامعي باللاذقية وجبلة”، على حد قوله.
وأردف: “تم كذلك استهداف الكوادر الطبية وتعطلت الأفران ووسائل النقل، وكذلك توقفت العملية التعليمية في الجامعات والمدارس، وغيرها من مؤسسات المحافظة التي توقف فيها العمل بشكل شبه تام”.
وبين عثمان خلال حديثه عن موعد استئناف خدمة الكهرباء في المحافظة، أن الكوادر المختصة تواصل العمل باستمرار لإصلاح الخسائر الناجمة عن هجمات الفلول، متعهداً باستئناف الخدمة “في القريب العاجل”.
وتحدث عثمان في معرض تقييمه للوضع الأمني الراهن في المحافظة عن إعلان وزارة الدفاع السورية انتهاء العملية العسكرية بشكل كامل.
وأوضح محافظ اللاذقية أن “الأمور باتت حاليا في عهدة الأجهزة الأمنية التي ستتولى المتابعة وعمليات التمشيط المتعلقة بالفلول”، لافتا إلى أن “الوضع الأمني عاد منذ يومين للاستقرار بشكل ملحوظ، وأن الكثير من المواطنين عادوا إلى منازلهم وأعمالهم، فضلا عن عودة المؤسسات لعملها بشكل أساسي”.
وأشار إلى قيامه برفقة وزير الداخلية علي كدة بجولة ميدانية في المحافظة وريفها، مؤخرا، بهدف منح تطمينات للأهالي، مؤكدا أنهم ضاعفوا الكوادر الأمنية التابعة لإدارة الأمن العام في المحافظة، بحيث تغطي المنطقة بشكل كامل.
وتعهد محافظ اللاذقية بمحاسبة “كل من يحاولون تعزيز الفرقة بين السوريين ويسعون لتقسيم سوريا”، مشددا على أن السوريين “أهل بلد واحد جميعهم تحت القانون ولا نميز بين أي شخص وآخر بغض النظر عن الطائفة والعرق”.
وتوجه محمد عثمان برسالة إلى بعض الأهالي ممن نزحوا الى قاعدة حميميم الروسية، مؤكدا لهم أن الوضع الأمني أصبح أفضل في المحافظة، وأن هناك انتشارا للدوريات بهدف تعزيز الواقع الأمني.
وأضاف أن القوات المساندة التي جاءت من خارج الساحل عادت من حيث أتت بعد انتهاء العملية العسكرية، مردفا: “ندعو جميع أهالينا للاطمئنان والعودة إلى قراهم وبلداتهم وإلى أماكن عملهم الطبيعية كما كانت قبل بدء هذه العملية العسكرية ضد فلول النظام المجرم”.
وأكد أن الإدارة السورية ومنذ سقوط نظام البعث، تسعى بشكل دائم لتعزيز السلم الأهلي في عموم البلاد، متابعا: “نقف على مسافة واحدة من جميع الأطياف والمكونات السورية ونسعى بكل طاقاتنا لنكون يدا واحدة نبني المحافظة ونبني سوريا المستقبل. سوريا التي تستحق الأفضل. كلنا نسعى أن نكون يدا للبناء وليس يدا الهدم”.
وفيما يتعلق بمجريات التحقيقات حول الأحداث الأخيرة في الساحل، قال عثمان إن الرئيس السوري أحمد الشرع على تواصل يومي معه منذ بداية الأحداث، للوقوف على أوضاع الأهالي والإجراءات القائمة بالمحافظة لضبط السلم الأهلي.
وبين محافظ اللاذقية أنهم لا ينكرون حدوث تجاوزات “سواء أكان من أشخاص غير منضوين تحت وزارة الدفاع وإدارة الأمن العام، أو حتى أحيانا من بعض العناصر الموجودين في إدارة الأمن العام أو في وزارة الدفاع”.
وذكر عثمان أنه تم إلقاء القبض على عدد من هؤلاء الأشخاص المشتبه بهم في التورط بتجاوزات، وإحالتهم للسلطات المختصة.
وأفاد بأن لجنة تقصي الحقائق المكلفة بالتحري في التجاوزات في الساحل، تواصلت مع محافظة اللاذقية وستصل المدينة الخميس اليوم لمباشرة أعمالها، معربا عن استعدادهم لتقديم كافة التسهيلات التي من شأنها تسهيل قيام اللجنة بعملها وواجبها، مؤكدا أنها ستجري أيضا تحقيقات ميدانية مع جميع من تضرروا خلال الأحداث الأخيرة.
وشكلت اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق بأحداث الساحل السوري بقرار من الرئيس أحمد الشرع، وتتكون من خمسة قضاة وعميد أمن جنائي، ومحام مدافع عن حقوق الإنسان.
وأنيطت باللجنة “مهام الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها”، وكذلك “التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها، فضلا عن إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء”.
جدير بالذكر أن اشتباكات عنيفة اندلعت في محافظتي اللاذقية وطرطوس في سوريا يوم 6 مارس الجاري بين القوات الأمنية السورية والجيش من جهة، ومجموعات مسلحة في مناطق باللاذقية وطرطوس.
هذا و”لا تزال حصيلة الضحايا المدنيين تتزايد في الساحل السوري منذ 6 مارس الجاري، إثر هجمات شنتها مجموعات مسلحة محلية على مواقع لقوات الأمن وتشكيلات وزارة الدفاع، ما أدى إلى تصعيد عسكري واسع راح ضحيته حتى اليوم 1476 مدنيا، غالبيتهم من الطائفة العلوية”، وفقا لتوثيق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
المصدر: “الأناضول” + RT