“فايننشال تايمز”: الأوروبيون يطمحون إلى استغلال موارد “الناتو” لدعم قوة سلام في أوكرانيا

كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” أن حلف الناتو قد يكون له دور محوري في دعم بعثة عسكرية أوروبية مقترحة لضمان تنفيذ أي اتفاق سلام في أوكرانيا، وذلك ضمن خطط يدرسها حلفاء كييف الغربيون.
واستنادًا إلى خمسة مسؤولين على دراية بالمناقشات الجارية، فإن أحد المقترحات المطروحة ينص على استخدام الهياكل القيادية وأنظمة السيطرة التابعة للناتو لنشر ما يُعرف بـ**”قوة الطمأنة”** في أوكرانيا. وتجري هذه المناقشات ضمن محادثات تقودها فرنسا والمملكة المتحدة، كما ستستفيد القوة المقترحة من إمكانيات الحلف في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
وأوضح المسؤولون أن هذا الاقتراح ليس الوحيد قيد الدراسة، وقد يشهد تعديلات قبل التوصل إلى صيغة نهائية. ويرى مؤيدو الفكرة أن إشراك الناتو قد يمثل وسيلة غير مباشرة لضمان مشاركة الولايات المتحدة، حتى لو بشكل محدود، مع الحصول على دعمها الضمني. ورغم أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رفض المشاركة المباشرة في أي مهمة تقودها أوروبا، تبقى القدرات العسكرية الأمريكية في القارة أساسية لأي عمليات تابعة للناتو.
وفي هذا الصدد، قال أحد المسؤولين: “إذا كنا سننشر قوات من عشرات الدول في أوكرانيا، فالناتو هو الخيار العملي الوحيد لإدارة العمليات القيادية.”
هدف المهمة العسكرية
تهدف القوة المقترحة إلى طمأنة أوكرانيا بالتزام أوروبا بأمنها في حال توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا، كما تسعى إلى ردع موسكو عن أي هجمات محتملة في المستقبل.
وتشير المناقشات التي تقودها باريس ولندن، بمشاركة قادة ووزراء من نحو 30 دولة، إلى ضرورة وجود دور داعم للولايات المتحدة في أي نشر عسكري، رغم أنها ليست عضوًا في هذا التحالف. وقد حضر الأمين العام للناتو، مارك روته، بعض جلسات المباحثات، كما أرسل الحلف مسؤولين كبارًا إلى الاجتماعات الفنية. ومن المقرر أن يستضيف مقر الناتو في بروكسل اجتماعًا لوزراء دفاع الدول الأعضاء الأسبوع المقبل.
ولفت مسؤول آخر إلى أن “صانعي القرار والدبلوماسيين لا يدركون تمامًا تعقيدات إدارة مهمة عسكرية بهذا الحجم، لذا من الأفضل إشراك الخبراء العسكريين منذ البداية.”
إمكانيات القيادة والتحكم
من جانبه، أكد بن باري، الخبير في شؤون الحروب البرية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، أن بريطانيا وفرنسا تمتلكان البنية التحتية اللازمة لإدارة بعثة عسكرية متعددة الجنسيات في أوكرانيا، بما في ذلك مقرات قيادية ثابتة ومتنقلة.
وأضاف: “لو تم الاعتماد على موارد الناتو وآلياته، ستكون العملية أكثر سلاسة.”
وفي تقرير حديث، ذكر IISS أن المملكة المتحدة وفرنسا وحلفاءهما قادرون على تجنيد قوة تتراوح بين 10 آلاف و25 ألف جندي، مدعومة بقدرات جوية وبحرية. لكن التقرير حذر من أن هذه القوة ستكون أضعف وأكثر عرضة للمخاطر دون الدعم الأمريكي في مجالات الاستخبارات والمراقبة.
وعلّق باري: “بدون الدعم الأمريكي في هذه المجالات، ستواجه القوة صعوبات جمة في رصد التهديدات والتصدي لها.”
التحديات السياسية والتنسيق الدولي
صحيح أن هياكل الناتو يمكن استخدامها في مهام خارج إطار الحلف، مثل عمليات الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك يتطلب موافقة جميع الأعضاء بالإجماع. لكن بعض الدول أعربت عن تحفظها على إشراك الناتو في أي خطة متعلقة بأوكرانيا، خاصة في ظل معارضة ترامب السابقة لأي تدخل أمريكي هناك بعد وقف إطلاق النار.
في المقابل، اقترحت دول مثل إيطاليا أن تتولى الأمم المتحدة دور التنسيق في عمليات حفظ السلام، لكن هذا الطرح قوبل بتحفظات من دول أخرى خشية استخدام روسيا أو الصين حق الفيتو في مجلس الأمن.
المصدر: “فايننشال تايمز”